قبله ، فعلم أن الأمر يؤول إلى عزله عن القضاء ، لأن الدولة شافعية فاستأذن في الحج والإعفاء عن القضاء ، فصرف عن ذلك بعد مراجعات. وسمع الحديث من أبيه وأبي المظفر سعيد بن سهل الفلكي وغيرهما. ومولده سنة ٥٤٢ ، ومات رحمهالله ليلة الجمعة ال ٢٧ من شعبان سنة ٦١٣.
هذا ما كتبته من الكتاب الذي ذكرته آنفا على سبيل الاختصار والإيجاز ، وهو قليل من كثير من فضائلهم. وأنا الآن أذكر من أنا بصدده.
٢٥١ ـ ترجمة الصاحب كمال الدين عمر بن العديم
هو كمال الدين أبو القاسم عمر ابن القاضي أبي الحسن أحمد ابن القاضي أبي الفضل هبة الله ابن القاضي أبي غانم محمد ابن القاضي أبي سعيد هبة الله ابن القاضي أبي الحسن أحمد بن أبي جرادة ، كل هؤلاء من آبائه. ولي قضاء حلب وأعمالها ، وهم حنفيون ، وهو الذي نحن بصدده. وإلى معرفة حاله ركبنا سنن المقال وجدده. فإنه من شروط هذا الكتاب لكتابته التي فاقت ابن هلال وبلغت الغاية في الجودة والإتقان ، ولتصانيفه في الأدب التي تذكر آنفا إن شاء الله تعالى. فأما أوصافه بالفضل فكثيرة ، وسماته بحسن الأثر أثيرة. وإذا كان هذا الكتاب لا يتسع لأوصافه جميعا ، وكان الوقت يذهب بحلاوة ذكر محاسنه سريعا ، ورأيت من المشقة والإتعاب ، التصدي لجميع فضائله والاستيعاب ، فاعتمدت على القول مجملا لا مفصلا (وضربة) (١) لا مبوبا ، فأقول :
إن الله عزوجل عني بخلقته فأحسن خلقه وخلقه وعقله وذهنه وذكاءه ، وجعل همته في العلوم ومعالي الأمور ، فقرأ الأدب وأتقنه ، ثم درس الفقه فأحسنه ، ونظم القريض فجوده ، وأنشأ النثر فزينه ، وقرأ حديث الرسول وعرف علله ورجاله ، وتأويله وفروعه وأصوله ، وهو مع ذلك قلق البنان ، جواد بما تحوي اليدان ، وهو كاسمه كمال في كل فضيلة لم يعتن بشيء إلا وكان فيه بارزا ، ولا تعاطى أمرا إلا وجاء فيه مبّرزا ، مشهور ذلك عنه لا يخالف فيه صديق ولا يستطيع دفاعه عدو. وأما قراءته للحديث في سرعته وصحة إيراده وطيب صوته وفصاحته ، فهو الغاية التي أقر له بها كل من سمعها ، فإنه يقرأ الخط
__________________
(١) يريد : خلطا ، من ضرب الشيء بالشيء : خلطه.