كوالدي والشيخ عبيد والشيخ بدر الدين بن سلامة ، ثم درّس بها القاضي جمال الدين الباعوني وعمر المدرسة في أيامه ولم يستثن أحدا من القطع بل قطع معلومه أولا. ودرّس فيها الشريف الحسيني قاضي حلب دروسا محكمة تدل على سعة اطلاعه وهذا آخر من درّس بها ا ه.
أقول : موقع هذه المدرسة في محلة الفرافرة جنوبي الجامع المعروف الآن بجامع الحيّات ، وكانت خربة مهجورة ، ففي سنة ١٢٩٩ سعى جميل باشا والي حلب في عمارة قبو كبير في غربيها عن يمين الداخل من بابها واتخذ مكتبا ابتدائيا ، ثم عمر في جهتها الشرقية بعض حجر صار يسكنها بعض الطلبة الغرباء ، ثم هجرت وصارت مسكنا للفقراء وبجانبها من جهة القبلة قاسارية تدل هيئتها على أنها كانت حجر مدرسة ، ويغلب على الظن أنها كانت حجر المدرسة الناصرية الآتي ذكرها ، وهذه القاسارية مع المدرسة العصرونية خربتهما إدارة الأوقاف في هذه السنة (سنة ١٣٤٣) وهي مباشرة بتعميرهما دورا للسكنى يضاف ريعها لواردات الأوقاف العامة.
المدرسة الناصرية
قال أبو ذر : هذه المدرسة كانت قديما كنيسة لليهود تعرف بكنيسة مثقال ، ثم في سنة سبع وعشرين وسبعمائة حكم قاضي القضاة كمال الدين بن الزملكاني بوجوب انتزاع هذه الكنيسة من أيديهم وجعلها فيئا للمسلمين بعد أن ثبت عنده أنها محدثة في دار الإسلام ، وعمل بها درسا يتعلق بهذه المسألة ، ثم بنيت الكنيسة المذكورة مدرسة للعلم ، وكتب إلى السلطان الناصر فأمر بعمارة منارة لها وجعل فيها خطبة ، وسبب ذلك أنه كان يدرس بالعصرونية التي إلى جانبها ، فسمع صوت اليهود فسأل عن ذلك فقيل له : إنها كنيسة ، فتقدم بعض الحاضرين وشهد بما تقدم فحكم بذلك ا ه.
أقول : وقد نظم الزين عمر بن الوردي قصيدة غراء في أخذ هذه الكنيسة وجعلها مدرسة للحديث مادحا بها القاضي كمال الدين بن الزملكاني ، وهي في ديوانه المطبوع في صحيفة ٢٤٩ ومطلعها :
علا لك ذكر ليس يشبهه ذكر |
|
وأحرزت فخرا ليس يدركه الفخر |
وهي طويلة جدا.