الرجال وطبقات الناس والوقائع والحوادث ، وضبط الوفيات والمواليد ، ومال إلى الأدب وحفظ من الشعر القديم والمحدث جملة ، وكتب الأجزاء والطباق ، وحصل ما يرويه عن أهل عصره في البلاد التي ارتحل إليها ، ولم أر بعد الشيخ فتح الدين رحمهالله تعالى من يقرأ أسرع منه ولا أفصح. سألته عن أشياء من تراجم الناس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم فوجدت حفظه مستحضرا لا يغيب عنه ما حصله ، وهذا الذي رأيته منه في هذه السن القريبة كثير على من علت سنه من كبار العلماء ، ومع ذلك فله ذوق الأدباء وفهم الشعراء وخفة روح الظرفاء. توفي رحمهالله تعالى بحلب ليلة ثامن شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبعماية ودفن ثاني يوم بكرة الجمعة ا ه. (الوافي الوفيات).
٣٤٣ ـ أيدمر بن عبد الله الشماع المتوفى سنة ٧٤٤
من آثاره جامع كان مسمى باسمه.
قال أبو ذر : (جامع أيدمر) : هو في ذيل عقبة بني المنذر تجاه حمّام الخواجا. وكان مسجدا قديما عمر في أيام السلطان غازي ، ثم دثر فجدده أيدمر بن عبد الله الشماع ، وهو مكان مبارك تقام فيه الجمعة ، ومكتوب على بابه أن أيدمر جدده في سنة ثلاث وأربعين وسبعماية وتوفي سنة أربع وأربعين. وفي داخل هذا الجامع قبر في إيوانه الشمالي ، والصندوق الرخام الذي كان عليه نقل إلى جانب الشمالية ولعله قبر أيدمر المذكور. وجدد في سقف صحنه القاضي شهاب الدين ابن الزهري في أيام ولايته حلب. انتهى.
أقول : هذا الجامع يعرف الآن بجامع الخواجا وهو في زقاق مسمى بهذا الاسم ، والحمّام كانت تجاه هذا الجامع ولا أثر لها الآن ، وموضعها دار في قبليها عرصة كبيرة خالية. وهذا الجامع صغير وقبلته لازالت باقية من عهد مجدده أمامها صحن صغير ، والقبر الذي كان داخل القبلية الذي ذكره أبو ذر نقل إلى الصحن ملاصقا للجدار.
وهذا الجامع كان قد توهن فسعى في عمارته الرجل الصالح المعمر الحاج خليل إكريّم من سكان محلة العقبة ، فرمم قبليته وبلط صحنه وجدد بابه وحفر فيه صهريجا كبيرا تحت الصحن بلغ فيه إلى نصف القبلية فعمم به النفع لأهل المحلة ، وكان ذلك في نواحي سنة ١٣٠٠ ، وجمع مصاريف ذلك من أهل الخير ، وكان في طليعة المحسنين المرحوم الحاج