بناء المترجم ، والذي يغلب على الظن أنهما اشتركا في بنائها ، ولذا كان ينسب بناؤها لسليمان تارة ولابن العجمي تارة. وإليك ما ذكره أبو ذر عنها قال :
المدرسة الزجاجية الشافعية (١)
سميت باسم السوق الذي هي فيه ، وكان هناك معمل للزجاج ، ولما حفر أساس الفرن الموجود الآن تجاه الحمّام وجدوا آثار المعمل المذكور. وهذه المدرسة أول مدرسة بنيت بحلب ، وكانت قديما تدعى بالشرفية باسم بانيها شرف الدين عبد الرحمن ابن العجمي وترجمته مذكورة مع أقاربه ، وكذا أخبرني شيخنا ابن الضياء بذلك ، ورأيت في تاريخ ابن خلكان أنها من بناء أبي الربيع سليمان بن عبد الجبار صاحب حلب. ورأيت في كلام الصاحب في زبدة الحلب : وجدد بدر الدولة المدرسة التي بالزجاجين بحلب المعروفة ببني العجمي بإشارة ابن العجمي ، وذكر لي أنه عزم أن يقفها على الفرق الأربع ونقل آلتها من كنيسة داثرة كانت بالطحانين بحلب انتهى.
وبدر الدولة هو سليمان المذكور. ووجدت في تاريخ الإسلام ما يشهد أنها من بناء عبد الرحمن بن العجمي المتقدّم ذكره ، لأنه قال في ترجمته : وبنى بحلب مدرسة مليحة ووقف عليها. وفي كلام ابن السبكي في ترجمته أيضا : وبنى بحلب مدرسة تعرف به (٢).
ورأيت في الروضتين قال في سنة ثلاث وستين وخمسمائة : إن الشهيد شتا بقلعة حلب ومعه أسد الدين شيركوه وصلاح الدين ، ونزل العماد بمدرسة ابن العجمي. وإذا نظرت إلى تاريخ صاحب الشرفية التي بالقرب من باب الجامع الشرقي علمت أنها لم تكن موجودة إذ ذاك. وقال ابن عساكر : إن المرادي قدم حلب ودرس بمدرسة ابن العجمي. والمرادي لما قدم لم تكن الشرفية موجودة.
قال بعض المؤرخين : ولما بنى سليمان الزجاجية كان كلما بنى شيئا أخربته الشيعة
__________________
(١) وانظر الصحيفة (٢٩٤) من هذا الجزء أيضا.
(٢) قال أبو ذر في آخر الكلام على هذه المدرسة : ووقع في تاريخ ابن منقذ أن زنكي عمر هذه المدرسة ووقف عليها ضيعتين وليس كذلك ا ه. قال في الدر المنتخب : ولما ملك الأتابك زنكي حلب في سنة ٥٢٢ نقل والده آق سنقر من قرنبيا وكان مدفونا بها فدفنه في شمالي هذه المدرسة. وزاد في وقفها لأجل القراء المرتبين في التربة ا ه. أقول : الذي يغلب على الظن أن هذا هو الصواب.