الكلام على هذه المدرسة وهي في المحلة المعروفة بالجبيلة :
أقول : لم تزل هذه المدرسة باقية وقد اشتهرت في زماننا بجامع أبي ذر وهو ممن دفن فيها كما سيأتي في ترجمته. وقبليتها عامرة طولها نحو ٢٠ ذراعا وعرضها نحو ١٢ ذراعا ، وفيها منبر للخطابة وتقام فيها الجمعة. وشرقي هذه القبلية بيت كبير قديم في وسطه قبة مرتفعة في شرقيها شباك مطل على التربة التي هناك ، وفي هذا البيت ثمانية قبور مسنمة بالتراب لا غير هي قبور بني العجمي ومعهم المحدث الكبير إبراهيم بن محمد سبط ابن العجمي وولده أبو ذر ، لكن لا يعلم صاحب كل قبر على اليقين. وحول الصحن من جهتي الشرق والغرب حجر مشرفة على الخراب ، وفي شماليه إيوان كبير خرب له ثلاثة شبابيك مطلة على الخندق ، وحول المدرسة من جهتي الشرق والغرب دور للسكني يظهر أن بعضها مقتطع من المدرسة ، وبعض أرض المدرسة مبلط بحجارة سوداء كبار تدل حالتها على أنها مما كان مبنيا في جدران المدرسة. وشرقي المدرسة تربة واسعة آخذة نحو الشرق متصلة بأحد أبواب حلب المعروف الآن بباب الحديد ، وقد بني في آخر هذه التربة مغفر لقعود المحافظين وذلك سنة ١٢٦٥ ، وهو متصل بالباب ، وحين بنائه نبش منه عدة قبور منها قبر كان فيه تابوت من دف نقل ذلك التابوت إلى مصطبة أمام المغفر ، وهناك اتخذ له ضريح ، لكن لم يعلم صاحبه. وهذه المدرسة كما علمت هي في درب الجبيل ، وقد تكلم أبو ذر على هذا الدرب حيث قال :
الكلام على درب الجبيل :
تكلمنا على بعضه في غير هذا الموضع ولم يكن دورا وإنما كان مقابر ، وجدد بهذا الدرب مسجد قريب من مدرسة الجبيل عمره أولا الحاج محمد بن الشكيزان أدركته وكان ذا مال كثير غرق أكثره في البحر ، وبنى دارا على الخندق عظيمة فتقطع ثم أعاد ما بنى وأنفق عليه كما أخبرني بعض الناس ثلاثة آلاف أشرفي ، ثم جدد المسجد بعد انهدامه الخواجا منصور التاجر. وإلى جانبه مكتب وقعت الصاعقة عليه فاحترق ، ثم خرجت من الشباك إلى خندق البلد ورأى الناس في الخندق نارا عظيمة ا ه. أقول : وهذا المسجد لازال موجودا ، وقد جدد بعضه من سنين ويعرف الآن بمسجد أبي الشامات ، ومتولوه هم من هذه العائلة ، وفي صحن المسجد عدة قبور قديمة.