ابن العجمي على مذهب الإمام الشافعي والإمام مالك في سنة خمس وتسعين وخمسمائة ، ولما توفي دفن بها ، وقد دفن عنده جماعة من أقاربه كالشيخ أبي حامد ووالده عبد الرحيم وهم صالحون معتقدون ، وبنو العجمي إذا حزبهم أمر يأتون إلى قبور هؤلاء يتبركون بالدعاء عندهم ، وأهل محلتهم يأخذون من تراب قبورهم لأجل الحمى. ولما طلب جكم الذي تسلطن بحلب والدي ليحضر بيعته امتنع والدي وذهب إلى هذه المدرسة ودعا هناك فصرف الله عنه كيده. وكان قد رسم بنهب بيت والدي.
وإنما وضع هذه المدرسة هنا واقفها تبركا بخالد بن رباح أو بلال أخيه ، لأن أحدهما مدفون في مقبرة الجبيل المعروفة قديما بمقبرة الأربعين كما تقدم في فضل الزيارات. وهذه المقبرة فيها كثير من الصالحين ، وقد تقدم شرح بعضهم. وكانت هذه المقبرة متصلة بهذه المدرسة لا بناء بينهما ، والآن جدد بينهما بيوت وغيرهم ، وأهل هذه البيوت إذا حفروا أس دورهم وجدوا فيها الموتى. وهذه المدرسة الآن ملتصقة بالسور وفي إيوانها الشمالي شباك مطل على خندق البلد ، وكان قبل فتنة تمر فوق هذا الإيوان قاعة معلقة مرخمة عظيمة وبعد تيمر وجد غالبها.
وكان بنو العجمي يأتون هذه المدرسة للتنزه ، وخارج هذه المدرسة من جهة الشرق مقبرة نصفها مختص بأهل الواقف ونصفها لسائر المسلمين ، وكان بينهما حائط دثر في فتنة تيمر ، وكان كل طائفة من بني العجمي لهم موضع مختص بهم لموتاهم ، وكان بهذه المقبرة أشجار مختلفة تسقى من بركة المدرسة ، وغالب بني العجمي مدفونون في هذه المقبرة ، ووالدي مدفون بها كما تقدم.
ومن جملة أوقاف هذه المدرسة طاحون الدوير على نهر قويق من جهة القبلة وحصة من رحا المحدثة وحوانيت بسوق الهواء وحوانيت بسويقة حاتم استبدلت عن بيت كان بالقرب من المدرسة المذكورة. وكان المدرس بها أخو الواقف الشيخ شرف الدين صاحب الشرفية. وكان قبليّ هذه المدرسة في زمن الواقف رحبة واسعة ، فوضع يده صاروخان عليها بغير طريق شرعي وجعلها إصطبلا له ، وفي الغالب لا يوضع فيها دابة إلا ماتت ، وقد محا الله غالب ذرية هذا الرجل ببركة الواقف ا ه.