في عمارتها سنة تسع وثلاثين وستمائة وتمت في سنة تسع وأربعين ولم يدرّس بها أحد ، لأن الدولة الناصرية انقرضت قبل استيفاء غرضه فيها ، وهي الآن تقام فيها الجمعة ، وكان يخطب بها الشيخ الصالح أحمد الزركشي ا ه.
وقد أبقت أيدي الزمان من خطه البديع ما هو مكتوب على أطراف محراب المدرسة الحلوية ، ونص ما كتب : (بسم الله الرحمن الرحيم. جدد هذا المحراب في أيام مولانا السلطان الملك الغازي المجاهد المرابط المؤيد المنصور الملك الناصر صلاح الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين منصف المظلوم من الظالمين رافع العدل في العالمين قامع الكفرة والملحدين أبي المظفر يوسف بن محمد ناصر أمير المؤمنين خلد الله ملكه وأعز أنصاره وأعلا رايته وأنار برهانه بولاية الفقير إلى رحمة الله تعالى عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة غفر الله له ولوالديه سنة ثلاث وأربعين وستمائة).
تتمة الكلام على المدرسة الحلوية :
تكلمنا على هذه المدرسة في الجزء الثاني (ص ٦٣) في تعداد آثار الملك العادل نور الدين الشهيد ، ثم وجدت أبا ذر في كنوز الذهب عقد لها فصلا مسهبا وفيه زوائد كثيرة عما ذكرناه ثمة فوجدنا من المناسب إيراده هنا تتميما للفائدة ، قال :
ولما حاصرت الفرنج حلب في سنة ثمان عشرة وخمسماية وملكها يومئذ إيلغازي بن أرتق صاحب ماردين ، فهرب منها وقام بأمر البلد ومن فيه القاضي أبو الحسن محمد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن الخشاب ، فعمد الفرنج إلى قبور المسلمين فنبشوها ، فلما بلغ القاضي ذلك عمد إلى أربع كنائس من الكنائس التي كانت بها وصيرها مساجد إحداها هذه (أي الحلوية) ، والثانية تأتي في الحدادية ، والثالثة في المقدمية ، والرابعة على ما يغلب عليه ظني هي المسجد الذي بقرب حمّام موغان. قلت : وبالقرب من حمّام موغان مسجد بينها وبين الجاولية الحنفية مكتوب على حائطه أنه عمر في أيام الناصر بن العزيز بتولية محمد ابن عبد الرحمن بن العجمي الشافعي في رمضان سنة خمس وخمسين وستماية.
قال ابن شداد : وكان بموضع الدار التي هي الآن دار الزكاة ، وهذه الدار وهذه الحمّام المجاورة لها من إنشاء ذكا (١) وكان متوليا بحلب من سنة اثنتين وتسعين ومائتين بيت المذبح
__________________
(١) هو أبو الحسن ذكا بن عبد الله الأعور.