الشيوخ بحلب. سمع من جده لأمه حامد القزويني ومن ابن روزنة ويحيى بن الدامغاني وعبد الحميد بن نعيمان سبط الحافظ أبي العلاء الهمداني. وحج سنة سبع وثلاثين وستماية ، وسمع بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام على الحسن بن سلام بقراءة الضياء السبتي. مولده سنة تسع وستماية بمدينة حمص ، ومات أوائل سنة سبع وتسعين وستمائة بحلب فجأة من غصة بلقمة. سمع من البرزالي وذكره في معجمه ، وذكره شيخنا الإمام بدر الدين أبو محمد بن حبيب في تاريخه وقال فيه : كان دينا خيرا لا مبدلا ولا مغيرا ، مشمولا بالبركة مقبولا في السكون والحركة ، مقيما بخانقاه البلاط ، مسموعا قوله عند من سكن الزاوية وحل الرباط. بيته في المشيخة عريق ، وعقده بين الفقراء وثيق ، سمع وحدث وورى ، واستمر بين أهل التصوف إلى أن ثوى. وكانت وفاته بحلب عن ثمان وثمانين سنة ا ه (الدر المنتخب).
٢٧٨ ـ محمد بن إبراهيم بن النحاس المتوفى سنة ٦٩٨
محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الإمام أبو عبد الله بهاء الدين بن النحاس الحلبي النحوي شيخ الديار المصرية في علم اللسان. ولد في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستماية ، وأخذ العربية عن الجمال بن عمرون والقراءات عن الكمال الضرير ، وسمع الحديث من ابن اللتي وابن يعيش وأبي القاسم بن رواحة وابن خليل وطائفة. ودخل مصر وأخذ عن بقايا شيوخها ، ثم جلس للإفادة وتخرج به جماعة من الأئمة وفضلاء الأدب. وكان من الأذكياء وله خبرة بالمنطق وإقليدس ، وكتب الخط المنسوب. وهو مشهور بالدين والصدق والعدالة مع إطراح الكلفة وصغر العمامة ، حسن الأخلاق فيه ظرف النحاة وانبساطهم ، وله صورة كبيرة في صدور الناس. وكان بعض القضاة إذا انفرد بشهادة حكّمه فيها وثوقا بدينه (١). وكان معروفا بحل المشكلات والمعضلات ، وله أوراد من العبادة والتلاوة والذكر والصلاة ، ثقة حجة يسعى في مصالح الناس ، واقتنى كتبا نفيسة ولم يتزوج ولم يأكل العنب قط. قال : لأني أحبه فآثرت أن يكون نصيبي في الجنة. ولما كملت المنصورية بين القصرين فوض إليه تدريس التفسير بها.
__________________
(١) وترجمه ابن الخطيب بنحو ما هنا ومما قاله : وكان إذا انفرد بشهادة حكم القاضي في تلك القضية وثوقا بدينه ، وله خبرة بالمنطق وإقليدس.