عليّ دينا لعذر تتفضل بقبوله دون مطالبة بذكره ، فعجبت من فضله وقلت : ما سار لهذا الرجل ما سار في الأقطار من باطل ا ه.
تتمة الكلام على المدرسة الصاحبية :
قال في كنوز الذهب : المدرسة الصاحبية الشافعية : أنشأها الشيخ الإمام العالم العامل العلامة أبو المحاسن وأبو العز يوسف بن رافع قاضي حلب المعروف بابن شداد تجاه المدرسة النفرية بالقرب من جامع تغري بردي (جامع الموازيني المشهور في محلة السفاحية) وقد درس بها واقفها ، واستناب القاضي زين الدين أبا محمد عبد الله بن الحافظ عبد الرحمن ابن علوان الأسدي ، ولما توفي القاضي ولي القاضي زين الدين ودرس استقلالا ، ولم يزل بها إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين ، فوليها ولده القاضي كمال الدين أبو بكر أحمد ، ولم يزل بها مدرسا إلى أن كانت حادثة التتر ، فخرج عنها إلى ديار مصر ، ثم عاد إلى حلب في أواخر سنة إحدى وستين وستماية وولي تدريس هذه المدرسة وتدريس الظاهرية والقضاء ، ولم يزل بها إلى أن توفي ليلة الأحد رابع وقيل خامس عشر شوال سنة اثنتين وستين وستماية ، وولي تدريسها وحدها جده القاضي محيي الدين أبو المكارم محمد بن قاضي القضاة جمال الدين محمد بن عمر ، فلم يزل بها إلى أن توفي سنة تسع وستين ، ووليها أخوه افتخار الدين عثمان ، فلم يزل مدرسا بالصاحبية فقط إلى أن توفي بالديار المصرية ، ووليها ولده شرف الدين عبد المجيد مع الأوقاف بحلب وهو مستمر بها إلى تاريخ سنة سبع وسبعين وستماية.
وهذه المدرسة كانت قبل فتنة تيمر عامرة بالعلماء ، ودرس بها الشيخ شرف الدين الأنصاري وغيره ، وبعد تيمر سكن شيخنا الشيخ علاء الدين بن الوردي ، وكان يقرىء بها «الحاوي» و «البهجة» والناس يترددون إليه.
وكان شيخنا المؤرخ يدرس بها الأحد والأربعاء دائما ، وكنت أحضر معه ، ومن جملة من درس قبل الفتنة التيمرية ابن بنت الباريني. قال لي الشيخ علاء الدين بن مكتوم : إنه كان يتصفح كراسا من «الروضة» وكراسا من «المهمات» مرة واحدة ويوردهما ، وإنه لما تكرر ذلك منه أصيب بالعين فأخذته الحمى ومات.
ودرس بهذه المدرسة جماعة من القضاة كالسيد وشيخنا زين الدين بن الخرزي