على الخطط بالقصبة العظمى التي يدخل إليها من باب أنطاكية وينتهي إلى تحت القلعة وما يتشعب منها بعد أن نعلم أن السلطان نور الدين الشهيد تغمده الله برحمته وقف نصف قرية لفخناز بالقرب من معرة مصرين على إصلاح الشوارع والبقية وقف على الحلوية.
وبهذه المناسبة نتكلم على المدرستين الحدادية والمقدمية وعلى المسجد الذي بين حمّام موغان وبين المدرسة الجاولية فنقول :
الكلام على المدرسة الحدّادية :
قال أبو ذر : هذه المدرسة سميت بالحدادية وهي بدرب المتوجه إلى السفاحية ، أنشأها حسام الدين محمد بن عمر بن لاجين أخت صلاح الدين ، كانت من الكنائس الأربع التي تقدم ذكرها فهدمها وبناها بناء وثيقا. وأول من درس بها الفقيه الإمام الحسين بن محمد بن أسعد بن حليم المنعوت بالنجم ، ولم يزل بها إلى أن استدعاه نور الدين إلى دمشق ، وولي مكانه عالي بن إبراهيم بن إسماعيل الغزنوي ، ولم يزل بها إلى أن توفي إما في سنة إحدى أو اثنتين وثمانين وخمسماية. وهذان القولان حكاهما كمال بن العديم ، وعلى المذكور صنف كتاب «التقشير في التفسير» (١). قال أبو اليمن الكندي : صحف حتى في اسمه وفيه أوهام كثيرة إذا تعرض في النحو.
ثم وليها بعده موفق الدين أبو الثنا محمود بن طارق النحاس الحلبي ، ولم يزل مدرسا إلى أن توفي في السنة التي قدمنا ذكرها عند ذكره في الشاذبختية. ثم وليها بعده ولده كمال الدين إسحق ، ولم يزل بها مدرسا إلى أن توفي ليلة الأربعاء مستهل شعبان سنة أربع وأربعين وستماية. ووليها بعده الشيخ شهاب الدين أحمد بن يوسف بن عبد الواحد الأنصاري ، ولم يزل بها مدرسا إلى أن توفي يوم الخميس سادس عشر شعبان سنة تسع وأربعين وستماية. ووليها بعده ولده فخر الدين يوسف ، ولم يزل إلى أن قتلته التتر عند استيلائهم على حلب.
قلت : وهذه المدرسة بعد الفتنة التيمرية تعطلت عن إقامة الشعائر فيها وسكنها النساء وأغلق بابها حتى قدم الشيخ الصالح الزاهد العامل علاء الدين الجبرتي نفع الله به المتقدم ذكره في مدرسة الصاحبية فحضر إلى هذه المدرسة بعد أن عمر الصاحبية كما تقدم وأخرج
__________________
(١) هكذا في الأصل ، وفي الجواهر المضيّة : «تفسير التفسير».