بدمشق حادي عشري صفر عند عوده من الحجاز سنة خمس وعشرين. وكان مولده سنة أربع وستين وحمل إلى حلب فدفن بها. ووليها بعده الشيخ شرف الدين أبو طالب بن العجمي ، ولم يزل بها مدرسا إلى سنة اثنتين وأربعين ، فاستخلف فيها ابن أخيه عماد الدين عبد الرحيم ابن أبي الحسن عبد الرحيم ، ولم يزل نائبا عنه إلى سنة خمسين فعزله عنها واستناب ولده محيي الدين محمد ، ولم يزل بها إلى أن زالت الدولة الناصرية.
وهذه المدرسة لم تزل في أيدي بني العجمي. ودرس بها منهم الشيخ كمال الدين عمر ابن التقي شيخ والدي ، والتزم أن يدرس بها الحاوي الصغير في يوم واحد بالدليل والتعليل ، فحرج الفقهاء معه لذلك وألزم لوالدي أن يشتري مؤنة الأكل ويأتي به إليه ، فاشترى والدي ما أمر به وذهب إليه فوجده قد وصل إلى كتاب الحيض بالدليل والتعليل ، وقد ضجر الفقهاء واعترفوا بفضله.
وكان يسكن بها ويتنزه ببستانها ويقيم الدرس هناك. وأخذها من بني العجمي سراج الدين الفوي ، ثم لما قتل عادت إليهم. وبلغني أن من شرط واقفها أن يصلي الفقيه الخمس فيها ، وهي محصورة في خمسة عشر فقيها ، ولها مدرس في الفقه ومدرس في النحو القراءات ، ومن جملة وقفها بستان إلى جانبها وقد استأجره شخص يقال له أقجا خازندار يشبك ودفن فيه موتاه. ولها حمّام خارج باب المقام كانت سوقا داخل حلب ويعرف بسوق الظاهر ، ولما تهدم عمره جقمق الدودار وجعله نصفين نصفا لها ونصفا لمدرسته بدمشق ، ولها غالب ضيعة من عمل الباب يقال لها عين أرزة. وهذه المدرسة أنشأ صاحبها إلى جانبها تربة ليدفن بها من يموت من الملوك والأمراء ، وبناؤها محكم وبها خلاوي للفقهاء وبركة ماء ، وهي على ترتيب الشرفية. وقد استعصت مرة على التتار فأرادوا قلع عتبتها ، فحفر المقيمون بها سقاطة من أعلى بابها ورموا عليها بالأحجار فاندفعوا عنها ا ه.
١٧٤ ـ عبد الرحمن بن محمد بن سنينيرة الشاعر المتوفى سنة ٦٢٦
عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن أبي القاسم جمال الدين الواسطي المعروف بابن السنينيرة الشاعر المشهور. ولد سنة سبع وأربعين وخمسمائة ، وتوفي سنة ست وعشرين وستماية. طاف البلاد وطلب حلب ومدح الملك الظاهر وجرى له قضية يجري ذكرها إن شاء الله