وهذه المدرسة كانت بالحاضر ملاصقة للبلدقية الشافعية المتقدم ذكرها ، وقد أخذت حجارة هذه المدرسة ولم يبق لها أثر في عمارة السور في دولة المؤيد ، وحمى شيخنا البلدقية الشافعية ولم يمكنهم من نقضها ، وقد تقدم اسم بانيها. وأول من درس بها رشيد الدين المعروف بتكملة ، ثم رحل عنها إلى دنيسر فوليها بعده شمس الدين محمد بن مصطفى المارداني ، ولم يكن من ماردين وإنما هو من خلاط ، ثم خرج عنها إلى الروم فوليها شرف الدين بن العفيف شيخ خانكاه ابن المقدم وعليه انقرضت الدولة ا ه.
وفي الدر المنتخب في الكلام على المدارس الحنفية التي بظاهر حلب : المدرسة البلدقية بالحاضر تقدم لنا اسم بانيها ، ثم هجرت أخيرا لانفرادها وخرب الجامع الذي كان بجانبها المنسوب إلى أسد الدين
ا ه.
١٦٨ ـ أبو القاسم هبة الله بن رواحة المتوفى سنة ٦٢٣
أبو القاسم هبة الله بن محمد بن أبي الوفا المعروف بابن رواحة الملقب بركن الدين. كان أحد التجار ذوي الثروة والمعدلين بدمشق ، وكان في غاية الطول والعرض ، وقد ابتنى المدرسة الرواحية داخل باب الفراديس بدمشق وأوقفها على الشافعية وفوض تدريسها ونظرها إلى الشيخ تقي الدين بن الصلاح الشهرزوري. وله بحلب مدرسة أخرى مثلها. وقد انقطع في آخر عمره في المدرسة التي بدمشق ، وكان يسكن البيت الذي في إيوانها من الشرق ، ورغب فيما بعد أن يدفن فيه إذا مات ، فلم يمكن من ذلك بل دفن بمقابر الصوفية ا ه (البداية والنهاية لابن كثير) من وفيات سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
وتقدم الكلام على المدرسة الرواحية في صحيفة (٤٥) وسيأتي في ترجمة الإمام أبي البقا يعيش بن علي شارح المفصل المتوفى سنة ٦٤٣ أنه كان من مدرسيها. وفي هذه المدرسة تلقى العلامة ابن خلكان صاحب التاريخ العلم عن أبي البقا المذكور كما ذكره في ترجمته.
١٦٩ ـ يوسف بن يحيى الطبيب اليهودي المتوفى سنة ٦٢٣
يوسف بن يحيى بن إسحق السبتي المغربي أبو الحجاج نزيل حلب ، وهو في سبتة يعرف بابن سمعون وهو جده العاشر أو التاسع. هذا كان طبيبا من أهل فاس من أرض المغرب مدينة بسواحل البحر الرومي كبيرة جامعة ، وكان أبوه يعاني الحرف السوقية.