آثاره بحلب وبقية ترجمته
مدرسة النقيب :
قال أبو ذر في كنوز الذهب : هذه المدرسة في أعالي جبل جوشن متاخمة لدار المعز ، وهي غاية في العمارة يقال لها تاج حلب ، وهي كثيرة المساكن والمنافع ، وهي منتزه حلب ، وفيها بئر ماء يستقى منه من صحنها ومن درجها ومن أعلاها ، ولها صف خلاوي في أعلاها وقدامهم رواق وبه قناطر مطل على قويق وحلب وبساتينها ، ولها قاعتان إحداهما عن يمين هذه الخلاوي والأخرى عن يساره ، وبها عدة قاعات غير هاتين بأعلاها وأسفلها ، وهي غاية في الارتفاع. وكان بأعلاها قصر فأخذت أحجاره ، وكان قد أنشأها مشهدا ثم صيرها مدرسة ، وقبليتها في غاية الجودة ، وقبوها يتحير الناظر إليه من حسن التركيب. ولما عمر السور في أيام المؤيد راموا أخذ حجارتها فمنعها الله من النقض لإخلاص نية بانيها ومحبة الشيخين رضياللهعنهما. ووقف عليها وقفا ودرس واقفها فيها سنة أربع وخمسين وستمائة (١). وهذا النقيب هو الإمام الشريف المرتضي أحمد بن محمد ... إلخ النسب المتقدم ، تولى نقابة الطالبيين بحلب بعد موت أخيه وبقي على ذلك مدة ، ثم عزله الظاهر غازي بسبب أنه أخذ الخراج واستدرك عليه فيه وولى النقابة شمس الدين أبا علي بن زهرة. ثم إن أتابك طغرل ولاه الحسبة بحلب في أيام العزيز محمد ، ودام على ذلك إلى أن مات أبو علي بن زهرة ، فولاه نقابة الطالبيين واستمر فيها ، وولي بعد ذلك في دولة الناصر يوسف نقابة العباسيين مضافة إلى نقابة العلويين. هو شهير الترجمة كثير المناقب والمفاخر سني الاعتقاد ، وهو من نسل أبي بكر الصديق أيضا من جهة الأم ، وسيأتي بقية الكلام على نسبته إلى أبي بكر في ترجمة الأشراف (٢).
توفي الشريف النقيب فجأة بحلب ليلة الخميس سادس عشر شوال سنة ثلاث وخمسين وستمائة ، وترك ثلاثة أيام حتى تيقنوا موته ، ثم دفن بمدرسته المذكورة في جانب قبليتها. ومولده بحلب في سنة تسع وسبعين وخمسمائة. ومن شعره في الإمام المستعصم بالله :
__________________
(١) هذا سهو لأن وفاته كما تقدم وكما سيأتي سنة ٦٥٣ ولعل الصواب سنة ٦٤٣.
(٢) لم نقف على ذلك في هذا الجزء ولعله في الجزء الآخر.