في العلم الراغب ، وكسدت سوقه وأظلمت بعد الإشراق بروقه ، ووهت بعد الإحكام عقوده ومال عما يعهد عموده ، وذكر الرسالة إلى آخرها.
ومن كتّابه جماعة من بني أبي هاشم لا أتحقق أسماءهم ، فإنني وقفت على رسالة لأبي العلاء تعرف ب «رسالة الضبعين» كتبها إلى معز الدولة ثمال بن صالح يشكو إليه رجلين أحدهما الشريف بن المحبرة الحلبي كانا يؤلبان عليه وينسبانه إلى الكفر والإلحاد ، وقد حرّفا بيتا من لزوم ما لا يلزم عن موضعه ليثبتا عليه الكفر بذلك ، قال فيها :
«وفي حلب حماها الله نسخ من هذا الكتاب بخطوط قوم ثقات يعرفون ببني أبي هاشم ، أحرار نسكة أيديهم بحبل الورع متمسكة ، جرت عادتهم أن ينسخوا ما أمليه وأن أحضرت ظهرت الحجة بما قلت فيه».
ومن كتّابه إبراهيم الخطيب (١) ، وهو كاتب حسن صحيح الخط متقن في الضبط كتب معظم كتبه وتصانيفه بخطه ، وكتب عنه في السماع عليه والإجازة منه وقرأ عليه ا ه.
فصل
(في ذكر تصانيفه ومجموعاته وتآليفه وأشعاره المدونة ورسائله المفننة)
فأول ما ألف بعد انقطاعه في منزله بعد رجوعه من بغداد الكتاب المعروف ب «الفصول والغايات» (٢) في تمجيد الله تعالى والعظات ، وهو موضوع على حروف المعجم ، وأراد بالغايات القوافي لأن القافية غاية البيت ، وفيه قواف تجيء على نسق واحد وليس الملقبة
__________________
(١) في الطبعة المصرية : إبراهيم بن علي بن إبراهيم الخطيب.
(٢) قال ياقوت في معجم الأدباء : وهو كتاب موضوع على حروف المعجم ما خلا الألف لأن فواصله مبنية على أن يكون ما قبل الحرف المعتمد فيها ألف ومن المحال أن يجمع بين ألفين ولكن يجيء الهمزة وقبلها ألف مثل العطاء والكساء وكذلك الشراب والسراب في الباء ثم على الترتيب ، ولم يعتمد فيه أن تكون الحروف التي يبنى عليها مستوية الإعراب بل تجيء مختلفة. وفي الكتاب قواف تجيء على نسق واحد وليست المطلقة بالغايات ومجيئها على قرى (يعني قرء) مثل أن يقول عمامها وغلامها وغمامها وأمرا وتمرا وما أشبهه. وفيه فنون كثيرة من هذا النوع. وقيل إنه بدأ بهذا الكتاب قبل رحلته إلى بغداد وأتمه بعد عوده إلى معرة النعمان وهو سبعة أجزاء ، وفي نسخة مقداره مائة كراسة ا ه.