له في كل بلد من الخلق ما لا يحصى. ولما أرادوا الصلاة عليه بالحلة صعد شاب على مرتفع وأنشد بأعلى صوته :
سرى نعشه فوق الرقاب وطالما |
|
سرى جوده فوق الركاب ونائله |
يمر على الوادي فتثني رماله |
|
عليه وبالنادي فتثني أرامله |
(البيتين المذكورين في القصيدة المتقدمة) قال : فلم نر باكيا أكثر من ذلك اليوم. فطافوا به حول الكعبة وصلوا عليه بالحرم الشريف ، وبين قبره وقبر النبي صلىاللهعليهوسلم خمسة عشر ذراعا. ثم ساق ابن الأثير ترجمته وآثاره الجليلة في كثير من البلاد وخدماته الجزيلة للعلم والعلماء وما كان يبذله من الأموال للمساكين والأرامل والأيتام وما كان عليه من مكارم الأخلاق وعلو الشان. ويتجلى لك إذا قرأت تلك الترجمة أنه جدير بأن ينشد فيه هذا البيتان اللذان هما الدرتان اليتيمتان في عقد تلك القصيدة الغراء.
٦٦ ـ أحمد الموازيني الشاعر المعروف بابن الماهر المتوفى سنة ٤٥٢
أحمد بن عبيد الله بن فضال أبو الفتح الحلبي الموازيني الشاعر المعروف بالماهر. روى عنه من شعره أبو عبد الله الصوري وأبو القاسم النسيب ، ومنه :
يا من له سيف لحظ |
|
تدب فيه المنون |
ومن لجسمي وقلبي |
|
منه ضنى وشجون |
ما فكرتي في فؤاد |
|
سبته منك الجفون |
وإنما فكرتي في |
|
هواك أين يكون |
وله بيت مفرد :
إذا امتطى قلم يوما أنامله |
|
سد المفاقر واستولى على الفقر |
وكان موازينيا بحلب ، ثم ترك الصنعة وأقبل على الشعر ومدح الملوك والأمراء. وله يرثي :
برغمي أن أعنف فيك دهرا |
|
قليلا همّه بمعنفيه (١) |
__________________
(١) أورد هذا البيت نور الدين بن الوزير أبي عمران الأندلسي في كتابه عيون المرقصات هكذا :
برغمي أن ألوم عليك دهرا |
|
قليلا فكره بمعنفيه |