ولم تر أن ترقى بما كان فاعلا |
|
أجل إنما المرفوع بالفعل فاعله |
لعمرك إني في الذي عنّ كله |
|
شريك عنان ناصح الود ناهله (١) |
وكيف خلوّ القلب من ذلك الهوى |
|
وقد خلدت بين الشغاف دواخله |
وتوفي أخوه أبو الغيث منقذ بن نصر بن منقذ سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ، ورثاه الشيخ الأديب أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن يحيى بن الحسين بن محمد بن الربيع ابن سنان بن الربيع الخفاجي الحلبي الشاعر المشهور صاحب الديوان بقوله ، وهو من شعره القديم زمن الصبا :
غربت خلائقك الحسان غريبة |
|
ورمى الزمان دنوّها ببعاد |
ذهبت كما ذهب الربيع وخلّفت |
|
فيض الدموع حرارة الأكباد |
والخفاجي المذكور رثى مخلص الدولة المذكور بقصيدة طويلة رائية ومدحه بأخرى حائية أجاد فيها والله تعالى أعلم بالصواب ا ه.
وبمناسبة هذه القصيدة ، والشيء بالشيء يذكر ، ننقل لك هنا حكاية لطيفة ذكرها العلامة ابن الأثير في حوادث سنة ٥٥٩ عند ذكر وفاة الوزير الجليل جمال الدين أبي جعفر محمد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني وزير صاحب الموصل في ذلك العصر ، قال : لما مات الوزير دفن في الموصل نحو سنة ، ثم نقل إلى المدينة فدفن بالقرب من حرم النبي صلىاللهعليهوسلم في رباط بناه لنفسه ، وقال لأبي القاسم : بيني وبين أسد الدين شيركوه عهد ، من مات منا قبل صاحبه حمله إلى المدينة فدفنه بها في التربة التي عملها ، فإذا أنا مت فامض إليه وذكّره. فلما توفي سار أبو القاسم إلى شيركوه في المعنى فقال له شيركوه : كم تريد؟ فقال : أريد أجرة جمل يحمله وجمل يحملني وزادي ، فانتهره وقال : مثل جمال الدين يحمل هكذا إلى مكة! وأعطاه مالا صالحا ليحمل معه جماعة يحجون عن جمال الدين وجماعة يقرؤون عليه بين يدي تابوته إذا حمل وإذا نزل عن الجمل ، وإذا وصل إلى مدينة يدخل أولئك القراء ينادون للصلاة عليه فيصلي عليه في كل بلدة يجتاز بها. وأعطاه أيضا مالا للصدقة عنه ، فصلي عليه في تكريت وبغداد والحلة وفيد ومكة والمدينة. وكان يجمع
__________________
(١) في بعض الروايات : ناخله.