سنة سبع عشرة وخمسمائة. قال ابن شداد : وابتدىء بعمارتها سنة ست عشرة. وحائطها الشمالي اندثر غالبه وجدد بعد ذلك ، والبقية التي فيه من الكتابة هي من العمارة القديمة ، ولها باب صغير إلى جانب الباب الكبير يدخل منه المدرس ، وبها كانت القسيمية وقد تقدم الكلام عليها وعلى وقفها (أي في الجزء الأول وهو لم يصل إلىّ) ووقف صاحب الزجاجية عليها قرية كارس وكانت الجمعة تقام بهذه القرية ، ولم تزل هذه المدرسة قائمة الشعار عامرة إلى محنة تمر ، فانهدم غالبها وبقي إيوانها ، وسيأتي في الحوادث متي خرب ، وقد غير أساسها الأمير علاء الدين علي بن الشيباني وزعم أنه رأى النبي صلىاللهعليهوسلم في المنام وأمره بعمارتها ، وأحضر كافل حلب ووقفه عليها ، ثم إنه شرع في حفر الأساس ثم أمسك عن عمارتها. ولما قدم ابن الضياء إلى حلب بعد فتنة تمر أشار عليه والدي بعمارتها شيئا فشيئا فلم يقبل ، ثم ندم عند الموت. ولقد حصل من رائع وقفها شيء فدفعه إلى دوادار كافل حلب قرقماش ولم يلتمس منه شيئا ، والآن المدرسة خراب والضيعة عامرة ا ه. قال في الدر المنتخب : وهي الآن خراب وقد عمر بها دور للسكنى ا ه.
موقع هذه المدرسة
قال أبو ذر في الكلام على درب الزجاجين : وبهذا الدرب حمّام يعرف الآن بالزجاجين ، وبه مسجد غربي المدرسة أمر بعمارته العادل أبو بكر محمد بن أيوب بتولي أحمد بن عبد الله الشافعي في سنة إحدى وخمسين ا ه.
وهذا المسجد لم يزل موجودا ، وقد تقدم ذكره وصورة ما كتب عليه في ترجمة عبد الله القصري المتوفى سنة ٥٤٢ ، فعلى هذا يكون مكان المدرسة هو نفس الخان المعروف الآن بخان الطاف لا ما ذكرناه في حوادث سنة ٥١٨ من أنه في أوائل زقاق أبي درجين الذي هو غربي هذا المسجد. والذي يغلب على الظن أن بقية الأحجار الكبيرة التي هي في الخان وفي مدخله وفي قناطر بعض مخازنه هي من بقايا آثار تلك المدرسة ولله الأمر.
سبب بناء شرف الدين ابن العجمي لهذه المدرسة
الذي ظهر لي في سبب بناء شرف الدين ابن العجمي رحمهالله لهذه المدرسة أنه كان كما علمت ممن رحل إلى بغداد وتفقه بها على أبي بكر الشاشي ، واسمه محمد بن أحمد المعروف بالمستظهري الملقب فخر الإسلام ، وعلى أبي الفتح أسعد بن أبي نصر الميهني الملقب مجد