ليلا ، فأحضر الشريف زهرة بن علي وأمره أن يباشر البناء بنفسه ، فباشر ذلك ، فلما كملت فوض أمرها تدريسا ونظرا إلى عبد الرحمن بن العجمي.
ولم يزل شرف الدين المذكور مدرسا بها إلى أن توفي (أي في التاريخ المتقدم) وتولى بعده التدريس حفيداه مجد الدين طاهر بن نصر بن جهبل وأخوه زين الدين أبو الحسين عبد الكريم ، وقيل عبد الملك ، وكانا من العلماء المتميزين والفضلاء المبرزين ، ولم يزالا مدرسين بها إلى أن أخرجهما منها الملك الناصر صلاح الدين (سيأتي ذلك) وولي فيها الشيخ كمال الدين عمر بن أبي صالح عبد الرحيم ابن الشيخ شرف الدين أبي طالب ، وكان حافظا لكتاب المهذب ، ولم يزل بها مدرسا إلى أن توفي يوم الأربعاء حادي عشر شهر رجب سنة اثنتين وأربعين وستمائة. ثم ولي عماد الدين محمد ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي يوم الاثنين ثالث عشر شعبان سنة تسع وأربعين وستمائة ، وكان مولده ليلة الخميس ثالث عشر رمضان سنة إحدى عشرة وستمائة. ثم ولي بعده أخوه محيي الدين عبد الله ولم يزل مدرسا بها إلى أن توفي في أواخر ذي القعدة سنة خمس وخمسين وستمائة ، وكان مولده رابع المحرم سنة تسع وستماية. ثم وليها بعده ولده بهاء الدين أحمد ولم يزل بها مدرسا إلى أن كانت فتنة التتر بحلب سنة ثمان وخمسين وستمائة فخرج عنها ا ه.
ثم آل التدريس إلى الشيخ كمال الدين بن العجمي شيخ والدي ، وكان قد زوج ابنته من ابن عمه الشيخ شهاب الدين وهو من أولاد كمال الدين المذكور أولا ، وكان شهاب الدين قد اشتغل وبرع كما في ترجمته مع أقاربه ، فقال الشيخ كمال الدين لابنته : زوجك لا يدع التدريس لي ولا تدريس الشرفية فادخلي بيني وبينه ولك عليّ شقة ، فدخلت بينهما فنزل عن التدريسين المذكورين لابن عمه وهو صهره ، ثم قتل شهاب الدين المذكور كما في ترجمته ، ثم صارتا من بعده لأخيه شمس الدين محمد إذ ولده أبو جعفر إذ ذاك كان صغيرا ، فتوفي شمس الدين المذكور في محنة تيمر فاستقل أبو جعفر المذكور بالتدريسين المذكورين ، وسيأتي متى مات ا ه.
وهذه المدرسة عظيمة كبيرة ولها إيوان من أعاجيب الدنيا ، ولها قبلية عجيبة وشمالية ، وأرضها مفروشة بالرخام الأبيض والأسود ، ولها أعمدة أخذ تغري برمش كافل حلب من أعمدتها بدلالة ابن الحصوني مباشرة فجعلها أحجارا للمكحلة التي عملها ليرمي بها على القلعة ، فلم ينجح بسبب ذلك ، وفي طرازها مكتوب بالكوفي : كملت عمارتها في