وقال : إنه دخل عليه مسلم بن سليمان فقال : يا بن أخي إلخ ، ولم يذكر كلمة العم ، فيظهر منها أن مسلم ليس عمه ، ومناداته له يا بن أخي إنما كانت جريا على العادة المعروفة من مناداة الكبير لمن كان أصغر منه بيا بن أخي.
وإني أكذب هذه القصة من جهة أخرى ، وذلك أنه قال هو وصاحب السكردان : إنها وقعت في زمن محمود بن صالح بن مرداس صاحب حلب ، ومحمود تولى حلب سنة ٤٥٢ كما تقدم ، وأبو العلاء كان قد توفي قبل ذلك بنحو أربع سنوات ، لأن وفاته سنة ٤٤٩.
ذكر من قال إنه فاسد العقيدة :
قال ياقوت في المعجم : كان أبو العلاء متهما في دينه ، يرى رأي البراهمة ، لا يرى إفساد الصورة ولا يأكل لحما ولا يؤمن بالرسل والبعث والنشور. وعاش شيئا (١) وثمانين سنة ، لم يأكل اللحم منها خمسة وأربعين سنة.
وحدثت أنه مرض مرة ، فوصف له الطبيب الفرّوج ، فلما جيء به لمسه بيده وقال : استضعفوك فوصفوك ، هلا وصفوا شبل الأسد. (ثم قال) : وكان يحرم إيلام الحيوان ويقتصر على ما تنبت الأرض ، ويلبس خشن الثياب ، ويظهر دوام الصوم. قال : ولقيه رجل فقال له : لم لا تأكل اللحم؟ قال : أرحم الحيوان ، قال : فما تقول في السباع التي لا طعام لها إلا لحوم الحيوان ، فإن كان لذلك خالق فما أنت بأرأف منه ، وإن كانت الطبائع المحدثة لذلك فما أنت بأحذق منها ولا أتقن عملا ، فسكت.
قال ابن الجوزي : وقد كان يمكنه أن لا يذبح رحمة ، وأما ما قد ذبحه غيره فأي رحمة بقيت.
قال : وحدّثنا عن أبي زكريا (التبريزي تلميذه) أنه قال : قال لي المعري : ما الذي تعتقد؟ فقلت في نفسي : اليوم أقف على اعتقاده ، فقلت له : ما أنا إلا شاكّ ، فقال : وهكذا شيخك.
__________________
(١) هكذا في الأصل. والصواب : ستا.