قال القاضي أبو يوسف عبد السلام القزويني : قال لي المعري : لم أهج أحدا قط ، فقلت له : صدقت ، إلا الأنبياء عليهمالسلام ، فتغير وجهه.
(ثم قال) : والناس في أبي العلاء مختلفون ، فمنهم من يقول إنه كان زنديقا وينسبون إليه أشياء مما ذكرناها ، ومنهم من يقول كان زاهدا عابدا متقللا يأخذ نفسه بالرياضة والخشونة والقناعة باليسير والإعراض عن أعراض الدنيا.
وذكر ابن خلكان في ترجمة أحمد بن يوسف بن نصر المنازي الكاتب : اجتمع المنازي بأبي العلاء بمعرة النعمان ، فشكا أبو العلاء إليه حاله وأنه منقطع عن الناس وهم يؤذونه ، فقال : ما لهم ولك ، وقد تركت لهم الدنيا والآخرة (١) ، فقال أبو العلاء : والآخرة أيضا ، وجعل يكررها ويتألم لذلك ، وأطرق فلم يكلمه إلى أن قام.
وقال الجلال السيوطي في «بغية الوعاة» في ترجمة أبي حيان التوحيدي : قال ابن الجوزي : زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي والتوحيدي وأبو العلاء المعري.
وقال الصلاح الصفدي في «نكت الهميان» : وأما الشيخ شمس الدين الذهبي فحكم بزندقته في ترجمة له طولها في «تاريخ الإسلام» وذكر فيها عنه قبائح ، وأظن الحافظ السلفي قال : إنه تاب وأناب. (ثم قال) :
قال ابن العديم : وقرأت بخط أبي اليسر المعري في ذكره : وكان رضياللهعنه يرمي من أحل الحسد له بالتعطيل ، ويعمل تلامذته وغيرهم على لسانه الأشعار يضمنونها أقاويل الملحدة قصدا لهلاكه وإيثارا لإتلاف نفسه ، فقال رضياللهعنه :
حاول إهواني قوم فما |
|
واجهتهم إلا بإهواني |
يحرّبوني بسعاياتهم |
|
فغيروا نيّة إخواني |
لو استطاعوا لوشوا بي إلى |
|
المريخ في الشهب وكيوان |
وقال أيضا :
غريت بذمي أمة |
|
وبحمد خالقها غريت |
__________________
(١) لعل هذه الكلمة زائدة ، انظر الوافي بالوفيات للصفدي.