والباعوني. ثم تعطلت هذه المدرسة وصارت مسكنا للنساء ، حتى قدم الشيخ الصالح الزاهد علاء الدين الجبرتي فحضر إلى هذه المدرسة ورأى ما حل بها من التعطيل ، فشرع في إخراج النساء منها وفي عمارتها وتبييضها وترخيم ما تقلع من رخامها وتعزيل خلاويها وعمارة مرتفقها وفتح بركتها ، ولما فتح إيوانها الشمالي وعزله ظهر فيه قبر فأبقاه في مكانه.
وأقام شعار هذه المدرسة من ترتيب إمام ومؤذن وحصر ومصابيح وغير ذلك ، وعزم على أن يسوق إلى بركتها الماء من القناة كعادتها فما طالت مدته.
وقال ابن الوردي في ترجمة ابن شداد : وعمر بحلب دار حديث ومدرسة متلاصقتين وجعل تربة بينهما ، فقال الناس : هذه تربة بين روضتين ، ورجا أن تشمله بركة العلم ميتا كما شملته حيا ، وأن يكون في قبره من سماع الحديث والفقه بين الري والريّا.
ربما أنعش المحبّ عيان |
|
من بعيد أو زورة من خيال |
أو حديث وإن أريد سواه |
|
فسماع الحديث نوع وصال |
ومن وقفها كفر سلوان من عمل عزاز وحصة بالسوق الذي أنشأه دقماق ويباع فيه الزموط قبلي الحبالين. وقال قبل ذلك : وهذه المدرسة ليست محكمة البناء وهي صغيرة قليلة البيوت للفقهاء وبها ثلاثة أواوين ا ه.
الكلام على دار الحديث خاصة :
قال أبو ذر في الكلام على دار الحديث : ومنها دار أنشأها القاضي بهاء الدين بن شداد إلى جانب مدرسته المتقدم ذكرها في المدارس ، وهذه الدار كانت إلى محنة تيمر مجمعا لأهل الحديث يسكنون بها ويقرؤون ويسمعون ويكتبون الطباق ويدخلون إلى الآفاق ، ثم يرجعون ، وطالما مكث فيها والدي والشيخ عز الدين الحاضري والشيخ شرف الدين الأنصاري وقرؤوا ودأبوا وكتبوا ، وبعد تيمر انطوى ذلك البساط وآل أمرها إلى أن سكنها شخص حوّا وأخذ منها قطعة أرض وأضيفت إلى بيوت الجيران ، وأغلق بابها واستولى عليها من لا معرفة له ولا ألم بشيء من أمور دينه ، فضلا عن الحديث. ومن وقفها قرية كرمايل ببلد عزاز ا ه.
أقول : موضع هذه المدرسة ودار الحديث بين محلة السفاحية ومحلة ساحة بزة شمالي القسطل الواقع تجاه مسجد الخريزاني ، قسم منها في الجنينة المعروفة الآن بجنينة الفريق في