الخانكاه القديم
هذه الخانكاه (١) تحت القلعة إلى جانب الخندق ملاصقة لدار العدل ، أنشأها نور الدين وتولى النظر على عمارتها شمس الدين أبو القاسم بن الطرسوسي. قلت : وهي وقف على الصوفية المتجردين. وأنشأها في سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ، وهي نيرة كبيرة متسعة الأرجاء بها قاعة للشيخ وقبة للفقراء وإيوان كبير وقبلية ، وبشرقها في صحن الخانكاه باب تنزل منه إلى بركة ماء من قناة حيلان ، وبوابتها عظيمة وهي من زمن الواقف. وأما بابها الذي على الشارع وله دكتان فهو من إنشاء حسام الدين البرغالي لما كان شيخا بها قبل فتنة تمر. وهذه الخانكاه كان لها مطبخ يطبخ فيه للفقراء فسد الآن وخرب. وكان بها سجادة الشيخ شهاب الدين عمر ابن محمود السهروردي صاحب «عوارف المعارف» المتوفى سنة ٦٣٢ (٢) وقد آلت هذه الخانكاه مشيخة ونظرا بعد حسام الدين البرغالي إلى العلامة عز الدين الحاضري ، ثم من بعده إلى أولاده ، وشاركهم تاج الدين الكركي وقاضي المسلمين أبو بكر بن إسحق الحنفي ، ثم استقل بها ولد ولد الشيخ عز الدين علاء الدين الحاضري فرمم ما استهدم منها وشرى لها رخاما ملونا ليرخمها به ، فإن رخامها القديم تكسر غالبه ، وسد باب الماء الذي كان في صحنها وفتح بابا في دهليزها وانتقل إليها وسكن فيها ومات كما سيأتي في الحوادث. ولها أوقاف مبرورة منها قرية بديثا من جبل السمّاق بالقرب من أريحا ، ولها حمام خلف دار العدل. ولما دثرت عمرها المؤيد بالنصف ودثرت الآن أيضا ، ولها حوانيت على بابها وغير ذلك ا ه.
(أقول) : وفي هامش أبي ذر بخط بعضهم : هذه الآن تعرف بالمقشاتية ا ه.
ويظهر أنها تخربت في الزلزلة التي حصلت سنة ١٢٣٧ ، وقد دخلت الآن في عمارة المستشفى الوطني ، وقد كانت في جنوبه آخذة إلى الشرق إلى قرب الخندق ، وسيأتيك في ترجمة الأمير مسعود بن أيبك المتوفى سنة ٦٤٩ ما كان هنا من المدارس.
__________________
(١) في الهامش بخط بعضهم هذه الآن تعرف بالمقشاتية.
(٢) هذا يفيد أن الشيخ شهاب الدين السهروري أقام بحلب مدة ثم رحل عنها ، وقد ساق أبو ذر هنا ترجمته وهي مذكورة في تاريخ ابن خلكان. وفي مكتبة المدرسة العثمانية نسخة من عوارف المعارف محررة في زمنه وعليها خطه رضياللهعنه.