ومنها :
أما نزار كلها فكريمة |
|
لكنّ أكرمها بنو مرداسها |
٦٨ ـ المختار بن الحسن بن عبدون الطبيب النصراني المتوفى سنة ٤٥٨
قال القاضي الأكرم يوسف القفطي في تاريخه أخبار العلماء : المختار بن الحسن بن عبدون الحكيم أبو الحسن الطبيب البغدادي المعروف بابن بطلان ، طبيب منطقي نصراني من أهل بغداد ، قرأ على علماء زمانه من نصارى الكرخ. وكان مشوه الخلقة غير صبيحها كما شاء الله فيه ، وفضل في علم الأوائل يرتزق بصناعة الطب. وخرج عن بغداد إلى الجزيرة والموصل وديار بكر ، ودخل حلب وأقام بها مدة وما حمدها ، وخرج عنها إلى مصر وأقام بها مدة قريبة ، واجتمع فيها بابن رضوان المصري الفيلسوف في وقته ، وجرت بينهما منافرة أحدثتها المغالبة في المناظرة ، وخرج ابن بطلان عن مصر مغضبا على ابن رضوان ، وورد أنطاكية راجعا عن مصر ، فأقام بها وقد سئم كثرة الأسفار وضاق عطنه عن معاشرة الأغمار ، فغلب على خاطره الانقطاع فنزل بعض ديرة أنطاكية ، وترهب وانقطع إلى العبادة إلى أن توفي بها في شهور سنة أربع وأربعين وأربعمائة (الصواب ما يأتي). وهنا ذكر رسالته التي أرسلها للرئيس هلال بن المحسن بن إبراهيم التي يصف فيها البلاد التي مر بها إلى أن وصل إلى أنطاكية ، وقد قدمنا في الجزء الأول وصفه لحلب ، وهناك قال :
وصف ابن بطلان لأنطاكية
خرجنا من حلب طالبين أنطاكية ، وبين حلب وبينها يوم وليلة ، فبتنا في بلدة للروم تعرف بعمّ فيها عين جارية يصاد منها السمك ويدور عليها رحا ، وفيها من الخنازير والنساء العواهر والزنا والخمور أمر عظيم. وفيها أربع كنائس وجامع يؤذن فيه سرا. والمسافة التي بين حلب وأنطاكية أرض ما فيها خراب أصلا إلا أرض زرع للحنطة والشعير بجنب شجر الزيتون. وقراها متصلة ورياضها مزهرة ومياهها متفجرة.
وأنطاكية بلد عظيم ذو سور وفصل. ولسوره ثلاثمائة وستون برجا يطوف عليها أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك ، فيضمنون حراسة البلد سنة