وكان له مال وغلمان يتجرون ، ويصوم ويفطر على ثردة بماء الباقلا لا يأكل غيرها. ورؤي رجل مسرف على نفسه من أصحابه بعد موته فقيل له : ما فعل الله بك؟ فقال : غفر لي ربي بمشرق لما دفن إلى جانبي ، وكذلك غفر لجميع من في جواره ، وأنبت الله علينا شجرة من لوز تظل جميع الموتى حوله ويأكلون من ثمارها.
قال ابن العديم : سمعت عبد الله بن العجمي يقول : كان للشيخ مشرق العابد عنز مع راع يأتيه كل يوم بلبنها ، فماتت ، فقال الراعي : هذا الشيخ رأيت منه البركة ، فما ضرني أن آتيه باللبن من عندي ، فأتاه بلبن فدق عليه الباب فخرج الشيخ مشرق وقال : من هذا العنز ماتت ا ه (ط ح ق).
٧٣ ـ أبو الفتيان محمد بن حيّوس الشاعر المشهور المتوفى سنة ٤٧٣
أبو الفتيان محمد بن سلطان بن محمد بن حيّوس بن محمد بن المرتضى بن محمد بن الهيثم بن عدي بن عثمان الغنوي الملقب بصفي الدولة الشاعر المشهور. كان يدعى بالأمير لأن أباه كان من أمراء العرب. وهو أحد الشعراء الشاميين المحسنين ومن فحولهم المجيدين ، له ديوان شعر كبير. لقي جماعة من الملوك والأكابر ومدحهم وأخذ جوائزهم. وكان منقطعا إلى بني مرداس أصحاب حلب. ذكر الجوهري في الصحاح في فصل ردس : المرداس : حجر يرمي به في البئر ليعلم أفيها ماء أم لا ، وبه سمي الرجل. وله فيهم القصائد الأنيقة. وقصته مشهورة مع الأمير جلال الدولة وصمصامها أبي المظفر نصر بن محمود ابن شبل الدولة نصر بن صالح بن مرداس الكلابي صاحب حلب ، فإنه كان قد مدح أباه محمود بن نصر فأجازه بألف دينار ، فلما مات وقام مقامه ولده نصر المذكور قصده ابن حيّوس المذكور بقصيدته الرائية يمدحه بها ويعزيه عن أبيه ، وهي :
كفى الدين عزا ما قضاه لك الدهر |
|
فمن كان ذا نذر فقد وجب النذر |
ومنها :
ثمانية لم تفترق مذ جمعتها |
|
فلا افترقت ماذبّ عن ناظر شفر |
يقينك والتقوى وجودك والغنى |
|
ولفظك والمعنى وعزمك والنصر |