ويذكر فيها وفاة أبيه وتوليته الأمر بعده بقوله :
صبرنا على حكم الزمان الذي سطا |
|
على أنه لولاك لم يكن الصبر |
غزانا ببؤسى لا يماثلها الأسى |
|
تقارن نعمى لا يقوم بها الشكر |
ومنها :
تباعدت عنكم حرقة لا زهادة |
|
وسرت إليكم حين مسّني الضر |
فلاقيت ظل الأمن ما عنه حاجز |
|
يصد وباب العرف ما دونه ستر |
وطال مقامي في إسار جميلكم |
|
فدامت معاليكم ودام لي الأسر |
وانجز لي رب السموات وعده الكريم بأن العسر يتبعه اليسر |
||
فجاد ابن نصر لي بألف تصرّمت |
|
وإني عليم أن سيخلفها نصر |
لقد كنت مأمولا ترجى لمثلها |
|
فكيف وطوعا أمرك النهي والأمر |
ومالي إلى الالحاح والحرص حاجة (١) |
|
وقد عرف المبتاع وانفصل السعر |
وإني بآمالي لديك مخيم |
|
وكم في الوري ثاو وآماله سفر |
وعندك ما أبغي بقولي تصنعا |
|
بأيسر ما توليه يستعبد الحر |
فلما فرغ من إنشادها قال الأمير نصر : والله لو قال عوض قوله سيخلفها نصر سيضعفها نصر لأضعفتها له ، وأعطاه ألف دينار في طبق فضة.
وكان قد اجتمع على باب الأمير نصر المذكور جماعة من الشعراء وامتدحوه وتأخرت صلته عنهم ، ونزل بعد ذلك الأمير نصر إلى دار بولص النصراني ، وكانت له عادة بغشيان منزله ، وعقد مجلس الأنس عنده ، فجاءت الشعراء الذين تأخرت جوائزهم إلى باب بولص وفيهم أبو الحسن أحمد بن محمد بن الدويدة المعري الشاعر المعروف ، فكتبوا ورقة فيها أبيات اتفقوا على نظمها ، وقيل بل نظمها ابن الدويدة المذكور ، وسيروا الورقة إليه ، والأبيات المذكورة هي :
على بابك المحروس منا عصابة |
|
مفاليس فانظر في أمور المفاليس |
وقد قنعت منك الجماعة كلها |
|
بعشر الذي أعطيته لابن حيّوس |
وما بيننا هذا التفاوت كله |
|
ولكن سعيد لا يقاس بمنحوس |
__________________
(١) في مختارات البارودي هكذا (وما بي إلى الإشطاط في السوم حاجة).