بحلب : وصفت مشارب الضعفاء بعد الكدر (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) وتلا لمن سعى لهم في ذلك وجزي بالخيرات (إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً) ودار شراب العافية على أهل تلك الحضرة بالطاس والكاس. وحصل لهم البرء من تلك البراني التي يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ، ونمت الصحة في مفاصل ضعفائه ، وقيل لهم جوزيتم بما صبرتم ، وامتدت مقاصيرهم (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها ، وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ) ا ه. وقدمنا الكلام عليه في الجزء الثاني (ص ٦٨).
كلامه على بقية البيمارستانات التي كانت بحلب
قال : وكان بحلب بيمارستان آخر قديم معروف ببني الدقاق ، وقد دخل الآن في دار سودون الدوادار التي غربي الحلاوية التي يسكنها أركان الدولة انتهى.
وعلى باب الجامع الكبير الشمالي بيمارستان وله بوابة عظيمة ينسب لابن خرخاز ، والآن قد أغلق بابه ، ورأيته وهو يجلس فيه الكحّالون وقد صار مسكنا ا ه.
تتمة الكلام على البيمارستان الأرغوني
قال أبو ذر في كنوز الذهب بعد أن ذكر نحو ما قدمناه في الجزء الثاني في الكلام على هذا البيمارستان في صحيفة (٣٥٣). ومحل هذا البيمارستان كان بيتا لأمير ، فتوصل إليه بطريق شرعي ، ولم يغير بوابة تلك الدار عن حالها ، إنما كتب عليها وهي معمورة ، وهذا البيمارستان له أوقاف مبرورة ، منها قرية بنّش من عمل سرمين وغيرها ، وكتاب وقفه موجود ، وقد رتب فيه قراء يقرؤون القرآن طرفي النهار وخبزا يتصدق به ، ورتب له جميع ما يحتاج إليه من أشربة وكحل ومراهم ودجاج وجميع الملطفات ، ووقفه وافر بذلك. وكان هذا البيمارستان في كفالة تغري برمش على أتم الوجوه ، وشرط واقفه أن يكون النظر فيه لمن يكون كافل حلب.
ولما تولى جانم الأشرفي كفالة حلب جعل أمامه متكلما على هذا البيمارستان فصنع له سحابة على إيوانه القبلي على قاعدة بيمارستان القاهرة إذ في هذه السحابة منفعة للضعفاء تقيهم الحر والبرد انتهى.