العقد كأنه يقرأ من حفظه. وأما خطه في التجويد والتحرير والضبط والتقييد فسواد مقلة لأبي عبد الله بن مقلة ، وبدر ذو كمال عند علي بن هلال.
خلال الفضل في الأمجاد فوضى |
|
ولكن الكمال لها كمال |
وإذا كان التمام من خصائص عالم الغيب ، وكان الإنسان لابد له من عيب ، فعيبه لطالب العنت والشين ، أنه يخاف عليه من إصابته العين ، هذا مع العفاف والزمت ، والوقار وحسن السمت ، والجلال المشهور ، عند الخاص والجمهور.
قاد الجيوش لسبع عشرة حجة |
|
ولداته عن ذاك في أشغال |
سألته أدام الله علوه عن مولده فقال لي : ولدت في ذي الحجة سنة ٥٨٨. قال : فلما بلغت سبعة أعوام حصلت إلى المكتب فأقعدت بين يدي المعلم ، فأخذ يمثل لي كما يمثل للأطفال ، ويمد خطا ويرتب عليه ثلاث سينات ، فأخذت القلم وكنت قد رأيته وقد كتب «بسم» ومد مدته ، ففعلت كما فعل ، وجاء ما كتبته قريبا من خطه ، فتعجب المعلم فقال لمن حوله : لئن عاش هذا الطفل لا يكون في العالم أكتب منه. وصحت لعمري فراسة المعلم فيه فهو أكتب من كل من تقدمه بعد ابن البواب بلاشك.
وقال : وختمت القرآن ولي تسع سنين ، وقرأت بالعشر ولي عشر سنين ، وحبب إليّ الخط وجعل والدي يحضني عليه. فحدثني الشيخ يوسف بن علي بن زيد الزهري المغربي الأديب معلم ولده بحضرة كمال الدين قال : حدثني والدي هذا (وأشار إليه) قال : ولد لي عدة بنات وكبرن ولم يولد لي غير ولد واحد ذكر ، وكان غاية في الحسن والجمال والفطنة والذكاء ، وحفظ من القرآن قدرا صالحا وعمره خمس سنين ، واتفق أن كنت يوما جالسا في غرفة لنا مشرفة على الطريق ، فمرت بنا جنازة فاطلع ذلك الطفل ببصره نحوها ثم رفع رأسه إليّ وقال : يا أبت ، إذا أنا مت بم تغشي تابوتي؟ فزجرته وأدركني في الوقت استشعار شديد عليه ، فلم يمض إلا أيام حتى مرض ودرج إلى رحمة الله ولحق بربه ، فأصابني عليه ما لم يصب والدا على ولده ، وامتنعت عن الطعام والشراب وجلست في بيت مظلم وتصبرت فلم أعط عليه صبرا ، فحملني شدة الوله على قصد قبره وتوليت حفره بنفسي وأردت استخراجه والتشفي برؤيته ، فلمشيئة الله ولطفه بالطفل أوبي لئلا أرى به ما أكره صادفت حجرا ضخما وعالجته فامتنع عليّ قلعه ، مع قوة وأيد كنت