ومنهم جمال الدين أبو غانم محمد ابن القاضي أبي الفضل هبة الله ابن القاضي أبي غانم محمد ابن القاضي أبي الفضل ابن القاضي أبي الحسين يحيى ، وهو عم جمال الدين أحد الأولياء العبّاد وأرباب الرياضة والاجتهاد ، عامل كثير الصوم والصلاة ، وهو حي يرزق إلى وقتنا هذا. وكان قد تولى الخطابة بجامع حلب ، وعرض عليه القضاء في أيام الملك الصالح إسماعيل بن محمود بن زنكي بعد القاضي ابن الشهرزوري ، فامتنع منه ، فقلد القضاء أخوه القاضي أبو الحسن والد كمال الدين أيده الله. وكتب جمال الدين هذا بخطه الكثير ، وشغف بتصانيف أبي عبد الله محمد بن علي بن الحكيم الترمذي فجمع معظم تصانيفه عنده وكتب بعضها بخطه ، وكتب من كتب الزهد والرقائق والمصاحف كثيرا ، وكان خطه في صباه على طريقة ابن البواب القديمة ، ووهب لأهله مصاحف كثيرة بخطه ، وكان إذا اعتكف في شهر رمضان كتب مصحفا أو مصحفين وجمع براوات الأقلام فيكتب بها تعاويذ للحمى وعسر الولادة فتعرف بركتها. قال : وسألت عمي عن مولده فقال : في سنة ٥٤٠. وقد سمع أباه وعمه أبا المجد عبد الله وغيرهما ، وروى الحديث وتفقه على العلاء الغزنوي ، واجتمع بجماعة من الأولياء وكوشف بأشياء مشهورة ، وهو الآن يحيا في محرم سنة ٦٢٠ (١).
ومنهم القاضي أبو الحسن أحمد ابن القاضي أبي الفضل هبة الله ابن القاضي أبي غانم محمد بن أبي الفضل هبة الله ابن القاضي أبي الحسن أحمد بن أبي جرادة. كل هؤلاء ولوا قضاء حلب ، وهذا هو والد كمال الدين صاحب أصل هذه الترجمة ، كان يخطب بالقلعة بحلب على أيام نور الدين محمود بن زنكي ، ثم ولي الخزانة في أيام ولده الملك الصالح إسماعيل إلى أن عرض القضاء على أخيه كما ذكرنا فامتنع منه ، فقلده القاضي هذا بحلب وأعمالها في سنة ٥٧٥ ، ولم يزل واليا للقضاء في أيام الملك الصالح ومن بعده في دولة عز الدين ثم عماد الدين بن قطب الدين مودود بن زنكي وصدرا من دولة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى أن عزل عن منزلي الخطابة والقضاء ونقل إلى مذهب الشافعي ، وكان عزله عن القضاء في سنة ٥٧٨ ، ووليه القاضي محيي الدين محمد بن علي بن الزكي قاضي دمشق الشافعي ، وكان صرف أخوه الأصغر أبو المعالي عبد الصمد عن الخطابة
__________________
(١) كانت وفاته سنة ٦٢٨ وقد تقدمت ترجمته في هذا التاريخ.