وله في النظم والنثر أشياء لطيفة لا حاجة إلى الإطالة بذكرها.
وكان شافعي المذهب ، ويلقب بالمؤيد بالملكوت ، وكان يتهم بانحلال العقيدة والتعطيل ويعتقد مذهب الحكماء المتقدمين ، واشتهر ذلك عنه ، فلما وصل إلى حلب أفتى علماؤها بإباحة قتله بسبب اعتقاده وما ظهر لهم من سوء مذهبه. وكان أشد الجماعة عليه الشيخان زين الدين ومجد الدين أبناء جهبل.
وقال الشيخ سيف الدين الآمدي المقدم ذكره في حرف العين : اجتمعت بالسهروردي في حلب فقال لي : لابد أن أملك الأرض ، فقلت له : من أين لك هذا؟ قال : رأيت في المنام كأني شربت ماء البحر ، فقلت : لعل هذا يكون اشتهار العلم وما يناسب هذا ، فرأيته لا يرجع عما وقع في نفسه ، ورأيته كثير العلم قليل العقل.
ويقال إنه لما تحقق القتل كان كثيرا ما ينشد :
أرى قدمي أراق دمي |
|
وهان دمي فها ندمي |
والأول مؤخوذ من قول أبي الفتح علي بن محمد البستي :
إلى حتفي مشى قدمي |
|
أرى قدمي أراق دمي |
فلم أنفكّ من ندم |
|
وليس بنافعي ندمي |
وكان ذلك في دولة الملك الظاهر صاحب حلب ابن السلطان صلاح الدين رحمهالله ، فحبسه ثم خنقه بإشارة والده السلطان صلاح الدين ، وكان ذلك في خامس رجب سنة سبع وثمانين بقلعة حلب وعمره ثمان وثلاثون سنة.
وقال القاضي بهاء الدين المعروف بابن شداد قاضي حلب في أوائل سيرة صلاح الدين : وكان رحمهالله عليه كثير التعظيم لشعائر الدين ، يقول ببعث الأجسام ونشورها ، ومجازاة المحسن بالجنة والمسيء بالنار ، مصدقا بجميع ما وردت به الشرائع ، منشرحا بذلك صدره ، مبغضا للفلاسفة والمعطلة ومن يعاند الشريعة. ولقد أمر ولده صاحب حلب الملك الظاهر أعز الله أنصاره بقتل شاب نشأ يقال له السهروردي قيل عنه إنه كان معاندا للشرائع مبطلا ،