وفي سنة ١٢٩٩ عمر متولي وقف أحمد مطاف باشا من الجهة الشرقية قبوا كبيرا وبيتا اتخذ مكتبا وذلك بدلا عن مكتب كان شرقي مدفن أحمد مطاف باشا الكائن في محلة الجلّوم ، وعند ذلك غادر الشيخ محمد الأشرفي هذا المكان إلى المسجد المعروف بالقرموطية في محلة باحسيتا.
ولم يزل هذا المكتب يؤدب فيه الأطفال ويدفع الراتب لمعلمه من واردات وقف أحمد مطاف باشا المعروف الآن بوقف بني الغنام إلى سنة ١٣٤٢ ، ففي هذه السنة اهتم مدير الأوقاف السيد يحيى الكيالي بأمر هذه المدرسة العظيمة فخرب حجرها الغربية التي عن يمين باب المدرسة ويسارها وكان يسكنها بعض الفقراء الغرباء ، والرواق والمطهرة اللذين كانا في الجهة الشمالية وكانت كلها مشرفة على الخراب ، وعمر مكانها عشرة حوانيت كبيرة ، وعرضت الجادة من الجهة الغربية ذراعين ومن الجهة الشمالية ثلاثة أذرع ، فتحسن المكان تحسنا عظيما وأوجرت هذه الحوانيت بنحو ثلاثمائة ليرة عثمانية ذهبا.
وفي سنة ١٣٤٣ وهي السنة الماضية شرع أيضا بعمارة قاعة كبيرة فوق ذلك القبو الكبير والبيت الذي بجانبه ، وأخذ لهذه القاعة غرفة من الطابق العلوي من خان الصابون الذي ثلثاه ملك لجون دويك من تجار اليهود وثلثه تابع لدائرة الأوقاف ، ودفع له قيمة حصته من هذه الغرفة ، وذلك لتكون القاعة مربعة ، وبني في الجهة الشرقية بيت كبير له من جهته القبلية أربعة عواميد ضخمة ، والقصد من ذلك أن تتخذ هذه القاعة لإلقاء المحاضرات العلمية ، وذلك القبو الكبير والبيتان اللذان بجانبه لوضع خزائن الكتب والمطالعة.
ورمم القبلية أيضا ودهنها بحيث عادت إليها بهجتها الأولى ، وقبتها تعد من الآثار العربية الهامة لما فيها من بديع الصنعة وحسن الهندام. والمسجد الصغير الذي كان غربي هذه القبلية الذي ذكره أبو ذر في كلامه المتقدم عليها دخل في عمارة الحوانيت المتقدمة.
وهذه الهمة القعساء التي أبرزها مدير الأوقاف السيد يحيى الكيالي وصارت سببا لعمران هذه المدرسة بعد أن كادت تدرس يستحق عليها مزيد الثناء والشكر وقد خلدت له ذكرى حسنة على ممر الدهور والأحقاب.
وقد دخلت هذه السنة وهي سنة ١٣٤٤ ونحن الآن في أوائل شهر ربيع الثاني منها