وعن حمزة بن يزيع عن أبي عبد الله الصّادق عليهالسلام في تفسير قوله تعالى : (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ).
إنّ الله عزّ وجلّ لا يأسف ولكنّه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون فجعل رضاهم رضاء الله وسخطهم سخط الله لانّه جعلهم الدعاة إليه والادلاء عليه فلذلك صاروا كذلك وليس إن ذلك يصل الى الله كما خلقه لكن هذا معنى ما قال من ذلك وقد قال : «من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها ، وقال الله تعالى : (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ) (١).
وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٢).
وكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك ، وهكذا الرّضا والغضب وغيرها من الاشياء ممّا يشاكل ذلك ... الحديث» (٣).
يعني أنّ الرضا والغضب والاهانة والايذاء والبيعة وسائر الاشياء من هذا
__________________
غير ما شرع في التّنزيل ، وسنّها في التّأويل ، ولكنّها أحقاد بدريّة ، وتراث اُحديّة ، كانت عليها قلوب النّفاق مكتمنة لإمكان الوشاة ، فلمّا استهدف الأمر أرسلت علينا شآبيب الاثار من مخيلة الشّقاق ، فيقطع وتر الإيمان من قسي صدورها ، وليس على ما وعد الله من حفظ الرّسالة وكفالة المؤمنين ، واُحرزوا عائدهم غرور الدّنيا بعد انتصار ، ممّن فتك بآبائهم في مواطن الكروب ومنازل الشّهادات».
يا تُرى لمن تقصد سيدة النساء عليهاالسلام بكلامها هذا ، ولماذا بنت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد فقدان أباها بين كمد وكرب؟ وأين كان المسلمون من مواساتها في حزنها على أبيها ، ومن هم الذين ظلموا الوصي؟ ومن هم الذين هتكوا حجب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ وهجموا على بيت الوحي والرّسالة ، ولماذا أصبحت الامامة مقتصة على غير ما شرع الله في التّنزيل ، وسنّها النّبي في التأويل؟ وماذا فعلت الاحقاد البدرية الاُحديّة؟ ومن كان وراء هذه الاحقاد؟ ومن تقصد عليهاالسلام من قلوب النّفاق والشّقاق؟ وما هو وتر الايمان؟ والى من وعد الله حفظ الرّسالة وكفالة المؤمنين؟ ومن الذي فتك بآبائهم في مواطن الكروب؟ وغيرها من التّساؤلات الكثيرة في هذا الكلام الذي يقرح القلب حزناً على سيدة نساء العالمين عليهاالسلام ، مع علمنا أنّها معصومة وطاهرة ومطهّرة وصادقة بالتنزيل والكتاب المبين ، ولا تنطق إلّا الحقّ والصّدق وما علمها أبوها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن الكتاب والحكمة وأسرار النّبوّة والامامة ، فتأمل يا أخي المسلم الباحث عن الحقيقة.
(١) النساء : ٨.
(٢) الفتح : ١٠.
(٣) معاني الاخبار : للشّيخ الصّدوق رحمه الله ، ص ٢٠ ـ ٢١.