والشوق ولذّة والمناجاة وسائر لوازم الحب وتوابعه!!.
والتّحقيق : أنّ الحبّ عبارة عن الميل الى الشيء المستلذ وإنما يحصل بعد المعرفة بذلك الشيء وادراكه إمّا بالحواس «مثل ادراك العين للصّور المليحة ، والاذن للاصوات الجميلة ، والانف للرّوائح الطّيبة» أو بالقلب «كلذّة العلم والمناجاة الحقّة التي تعتبر غذاء الرّوح» ، وكلما كانت المعرفة به أقوى واللذة أشد وأكثر كانت المحبّة أشد والبصيرة الباطنة أقوى من البصر الظاهر إذ القلب أشد ادراكاً من العين ، وجمال المعاني المدركة بالعقل أعظم من جمال الصور الظاهرة ، فتكون لا محالة لذة القلوب بما تدركه الامور الشريفة الالهية التي تجمل أن تدركها الحواس أتم وأبلغ فيكون ميل الطبع السليم والعقل الصحيح اليه أقوى ، فلا ينكر إذاً حبّ الله تعالى إلّا من قعد به القصور في درجة البهائم فلم يجاوز ادراكه الحواس ، وكما أن الانسان يحب نفسه وبقاء نفسه ، فكذلك قد يحبّ غيره لذاته لحظٍّ يناله منه وراء ذاته ، بل تكون ذاته عين حظه وهذا الحبّ الحقيقي البالغ الذي يوثق به ، فهذا مع ان الكتاب والسنة قد نصت على حقيقة المحبّة قال الله تعالى : (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (١) وقال الله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّـهِ) (٢) وقال الله تعالى : (إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ) الى قوله : (أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ) (٣).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحبّ اليه ممّا سواهم».
وقال صلىاللهعليهوآله في دعائه : «اللّهُمّ اُرزقني حُبّك وحُبّ من يحبّك وحبّ ما يقربني الى حبّك واجعل حبّك أحبّ اليّ من الماء البارد» (٤).
__________________
(١) المائدة : ٥٤.
(٢) البقرة : ١٦٥.
(٣) التوبة : ٢٤.
(٤) بحار الانوار : للعلّامة المجلسي رحمه الله ، ج ٨٦ ، ص ١٨٢ ، عن مصباح المتهجد : للشّيخ الطوسي رحمه الله ، ص ١٦٢ ـ ١٦٦.