أولئك الّذين كان خفي على موسى وهارون ، واطّلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها وفعلوا ما أمروا ، وغفر الله للقاتل والمقتول ، ثمّ سار بهم موسى صلىاللهعليهوسلم متوجّها نحو الأرض المقدّسة ، وأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب ، فأمرهم بالّذي أمر به أن يبلّغهم من الوظائف ، فثقل ذلك عليهم ، وأبوا أن يقرّوا بها ، فتتق الله عليهم الجبل كأنّه ظلّة ، ودنا منهم حتّى خافوا أن يقع عليهم ، فأخذوا الكتاب بأيمانهم وهم مصطفّون ، ينظرون إلى الجبل والكتاب بأيديهم ، وهم من وراء الجبل مخافة أن يقع عليهم ، ثمّ مضوا حتّى أتوا الأرض المقدّسة ، فوجدوا مدينة فيها قوم جبّارون ، خلقهم خلق منكر ، وذكر من ثمارهم أمرا عجيبا من عظمها فقالوا : يا موسى إنّ فيها قوما جبّارين ، لا طاقة لنا بهم ، ولا ندخلها ما داموا فيها ، فإن يخرجوا منها فإنّا داخلون ، قال رجلان من الّذين يخافون ـ قيل ليزيد هكذا قرأه؟ قال : نعم ـ من الجبّارين آمنا بموسى (١) ، وخرجا إليه ، فقالوا : نحن أعلم بقومنا ، إن كنتم إنّما تخافون [من](٢) ما رأيتم من
__________________
(١) رسمت في الأصل هكذا «آمنا يا موسى» والتصحيح من رواية ابن كثير وأبي يعلى.
(٢) زيادة من الأصل : وعليها تضبيب.
__________________
قوله الوظائف أي ما يقدّر من عمل وكذلك العهود والشروط.
قوله نتق هو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمي به.
قوله كأنه ظلة كأنه غاشية أو سحابة فوقهم.