(و) لكن وجوب (الترجيح) بالمرجحات (هنا) أي في أدلة الأحكام بالعكس ، لأن الاجماع قام على الترجيح ، ولذا نسب القائل ره بالترجيح إلى (مذهب الجميع انتهى ، ومرجع الأخير) الّذي استظهر منه ذلك ، هي العبارة المحكية عن النهاية ، وهي قوله : سلّمنا الخ (إلى أنّه لو لا الاجماع حكمنا بالترجيح في البيّنات أيضا).
(ويظهر ما فيه ممّا ذكرنا سابقا فإنّا لو بنينا على أنّ حجية البيّنة من باب الطريقية) يكون الأصل التساقط والرجوع إلى الأصل لا الترجيح (فاللازم مع التعارض) عند قيام البيّنتين المتعارضتين (التوقف والرجوع إلى ما يقتضيه الأصول في ذلك المورد) فإذا كان المورد من موارد القضاء وفصل الخصومات وتعارض فيه البيّنات ، فالأصل الذي يرجع إليه بعد تساقط البينتين غير الأصل الذي يرجع إليه عند تعارض الخبرين المتعارضين ، إذ : المراد من الأصل ـ بعد تساقط الخبرين ـ هو الأصل العملي في مورد المسألة.
ومثل هذا الأصل ليس مرجعا في باب القضاء قطعا بل الأصل فيها ما ذكره المصنف قده (من التحالف) والتنصيف (أو القرعة) كما أنّ التخيير ليس مما يرجع إليه في باب القضاء ، بل المناط فيه الطرق المخصوصة ، كما قال : (أو غير ذلك) أي كلّما رآه الحاكم مصلحة للمتخاصمين.
والحاصل : حيث أنّ حجية الامارات من باب الطريقية ، فالأصل في تعارض البيّنتين التساقط.
(ولو بنى على حجيتها) أي البيّنة (من باب السببية والموضوعية فقد ذكرنا أنّه لا وجه للترجيح بمجرد أقربيّة أحدهما) أي أحد البيّنتين (إلى الواقع ، لعدم تفاوت الراجح والمرجوح في الدخول فيما دلّ على كون البيّنة سببا للحكم على طبقها) أي البيّنة (وتمانعهما) «البيّنتين» (مستند إلى مجرد سببية كلّ منهما كما هو المفروض) لأن في السببية في كليهما مصلحة ، فالعمل بالبينة وظيفة للحاكم كما أن الخطاب بالعمل بكل منهما متوجه إليه ، فكأنّه اجتمع عليه تكليفان