حاضرا ، فاذا صار غائبا وشك في حياته وموته شك في بقاء الموجب ، فيستصحب بتقديم الاصل السببي ، وهو استصحاب الحياة على المسببي وهو : اصالة عدم الوجوب في الشبهة الموضوعية.
كذلك حكومة الخاص على العام أعني كون الشك في ارادة العموم من العام ، وعدمها مسببا وناشيا من وجود الخاص ، فان دليل السند كما يقدم على دليل الظاهر في هذا القسم ، فليقدم دليل السند على دليل الظاهر في الظاهرين ايضا ، لان وجه التقديم في الفرض الاول ليس إلّا حكومة دليل السند مع كونه ظنيا على دليل الظاهر ، وهذا بعينه موجود في الفرض الثاني ، لانه ـ مع الاغماض عن تلك الادلة ـ مقتضى الاصل ، والقاعدة أنما هو لزوم الاخذ بالسندين والتصرف في احدهما ، أو في كليهما ، فان الشك في جواز التأويل في أحد الظهورين أو كليهما مسبب وناش من الشك في صدور كليهما.
فحينئذ يكون دليل اعتبار سند ما عدا المتيقن الاخذ به حاكما على دليل اعتبار ظهور المتيقن الاخذ به ، لان الدليل الظني ـ على تقدير ثبوته ـ قرينة على تأويل الظاهر ، ولو كان قطعي السند فلا بد حينئذ من الجمع دون الطرح.
ولكن هذا قياس فاسد (توضيحه) أي توضيح فساد القياس ، هو أنه لا تصح مقايسة ما نحن عليه ، لان شرط العمل بظواهر الالفاظ مقيد بعدم مجيء القرينة ، والمفروض وجود القرينة مع تسليم اعتبار الخبر الخاص ، كما اذا قام نص ظني السند على عدم جواز اعطاء الزكاة للفاسق ، وفي الكتاب الذي هو قطعي السند قام الظهور على جواز الاعطاء ، لقوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ)(١) فظهوره يعم الفاسق فالمقيس عليه مسلم يؤخذ بالسندين ويطرح التعبد بظهور الكتابي ، لان قطعي السند وهو قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ) الخ لا يزاحم دلالة نفسه ، ولا دلالة ظن الخاص ، ولا سند الخاص ، اذ على
__________________
(١) التوبة : ٦٠.