(وأهل البصرة على فتاوى عمان ، وسوادة ، وأهل الشام على فتاوى الأوزاعي ، والوليد وأهل مصر على فتاوى الليث بن سعيد ، وأهل خراسان على فتاوى عبد الله بن المبارك الزهري ، وكان فيهم) أي في العامّة (أهل الفتاوى من غير هؤلاء كسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، وربيعة الرأي) أستاذ مالك بن أنس (ومحمّد بن شهاب الزهري) وهكذا كانوا مختلفين باختلاقات شتّى (إلى أن استقرّ رأيهم بحصر المذاهب في الأربعة سنة خمس وستّين وثلاثمائة كما حكى) فلا بدّ من التأمّل في حمل الرواية على التقية ، ولا يجوز المبادرة الى حملها على التقية بمجرّد مشاهدة موافقتها لبعض العامّة على أيّ نحو يكون ، بل لا بدّ من ملاحظة عدم وجود مناف أو مبعد للحمل على التقية.
(وقد يستفاد ذلك) أي رعاية موافقة البعض (من الامارات الخاصة مثل قول الصادق عليهالسلام ـ حين حكى له فتوى ابن أبي ليلى في بعض مسائل الوصيّة ـ وأمّا قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع ردّه) (١) فيستفاد أنّه إذا وافق أحد الخبرين لفتوى ابن أبي ليلى ، فالامام «ع» يراعي موافقته تقية.
(وقد يستفاد) ذلك (من ملاحظة أخبارهم المرويّة في كتبهم ، ولذا أنيط الحكم في بعض الروايات بموافقة أخبارهم) بمعنى أنّه إذا وافق أحد الخبرين مثلا لرواية عائشة ، فيستفاد أنّ رأيهم على طبق الرّواية فبالأخرة يرجع إلى موافقة فتواهم ، لأنّ رواية أمّ المؤمنين عندهم من أصحّ الرّوايات.
الأمر (الخامس قد عرفت) فيما سبق (أن الرجحان بحسب الدلالة لا يزاحمه الرّجحان بحسب الصّدور) فيخصّص عموم اكرم العلماء بلا تكرم النّحاة ولو كان راوي العام أصدق أو أعدل من راوي الخاص (وكذا لا يزاحمه)
__________________
ـ السلاطين والامراء واشتهر البعض الآخر بتوسط ما ذكر ، ولكونه أقرب إلى الصواب من غيره كمذهب الشافعي انتهى (أوثق الوسائل ص ـ ٦٢٩).
(١) الوسائل : الجزء ١٣ (ص ـ ٤٧٨) الرواية : ٢.