السّلام من تقية على ما اخترناه من أن التقية ، على وجه التورية) بان يراد من الالفاظ المذكورة المعاني البعيدة مثل ما روي عن الصادق عليهالسلام حين سئل في مجلس الخليفة عن الشيخين ، فقال (ع) : هما إمامان عادلان قاسطان كانا على الحقّ فماتا عليه ، عليهما رحمة الله يوم القيمة فلمّا قام من المجلس تبعه بعض اصحابه (ع) ، وقال : يا بن رسول الله قد مدحت أبا بكر وعمر هذا اليوم ، فقال (ع) : انت لا تفهم معنى ما قلت ، فقال بيّنه لي فقال (ع) : أمّا قولي إمامان فهو اشارة الى قوله تعالى (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ)(١) (وأمّا المراد من قوله (ع) عادلان فهو العدول لا العدالة التي هي المعنى القريب ، فالمعنى انهما راجعان وعادلان عن الحق الى الباطل) وأمّا قولي قاسطان فهو المراد من قوله عزّ من قائل : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً)(٢) وأمّا قولي كانا على الحق فهو من المكاونة أو الكون ومعناه أنّهم كانوا على حق غيرهما لأنّ الخلافة حق عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وكذا ماتا عليه فأنّهم لم يتوبوا بل استمروا على افعالهم القبيحة الى أن ماتوا وقولي : عليهما رحمة الله ، المراد به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بدليل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(٣) فهو الحاكم والقاضي والشاهد على ما فعلوه يوم القيمة فقال فرّجت عنّي فرّج الله عنك (أو غير التقية من المصالح الآخر).
وملخّص الفرق بين حمل صاحب الحدائق قده ، وحمل شيخنا الانصاري قده هو أنّ صاحب الحدائق قده يحمل الأخبار المتعارضة على المخالفة الواقعية ، ولكن يجعل ذلك من باب جعل الامام (ع) حقنا لدماء الشيعة ، لئلا يعرفوا بمذهب واحد ، والمصنف قده ينكر المخالفة ولو بالحمول الشرعية ،
__________________
(١) القصص : ٤١.
(٢) الجن : ١٥.
(٣) الانبياء : ١٠٧.