بقولهم عليهمالسلام : السنة إذا قيست محق الدّين (١).
وبالجملة : ان في انقاذ الغريقين لو فرضنا تمكنه من كليهما ـ ولو فعلا لا يقدر ـ لكان كليهما مطابقا للواقع ، بخلافه هنا ، إذ : لو فرضنا أنه يتمكن من كليهما نعلم بأن أحدهما ليس حكما واقعيا بل كذبا (لعدم المائز بين الفرد الموصل منه) أي الخبر (وغيره) أي غير الفرد الموصل من الخبر حتى أمر بأخذ ما كان موصلا.
(فإذا تعارض خبر أن جامعان لشرائط الحجية) وكون كل منهما مندرجين في العنوان الذي دلّ الدليل على اعتباره بشرائطه ، وهو الخبر العدل الضابط مثلا (لم يعقل بقاء تلك المصلحة) الكاشفة (في كل منهما) أي من المتعارضين لأنه ينتهي إلى التناقض (بحيث لو امكن الجمع بينهما) أي الخبرين (أراد الشارع إدراك المصلحتين بل وجود تلك المصلحة) الطريقي (في كل منهما) أي المتعارضين (بخصوصه مقيد بعدم معارضته) أي أحد الخبرين (بمثله).
إذ : في صورة التعارض بمثله يحصل العلم الاجمالي بكذب أحدهما في الواقع ، ومع العلم الاجمالي بمخالفة احدهما واقعا لا يجوز الأخذ بأحد المتعارضين.
(ومن هنا يتجه الحكم حينئذ) أي حين عدم جواز الأخذ بواحد من المتعارضين (بالتوقف) فلو جهلنا بطريق بغداد ، ودلنا شخص موثوق الخبر على جهة ، ودلنا آخر على خلاف تلك الجهة ، لم يجز لنا العمل بشيء منهما ، بل يجب التوقف (لا بمعنى أن أحدهما المعين واقعا طريق ولا نعلمه) أي المعين (بعينه) إذ : التعبد بكل واحد منهما عينا بدون التعبد بالآخر كذلك وإن كان امرا جائزا لفرض الشك في مخالفة كل منهما في حد نفسه للواقع وامكان التوصل به إلى الواقع في نظره بدون العمل بالآخر ، لكن لما كان المفروض اشتمال كل
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٩ ص ـ ٢٦٨. (الرواية : ١).