(ومنها) أي ومن المسائل التي عدّ من المرجّحات النوعيّة (تعارض ظهور الكلام في استمرار الحكم مع غيره من الظهورات).
ولا يخفى : أنّه كان الأنسب إيراد ذلك عقيب الكلام في تعارض التخصيص والنسخ.
وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في تقديم ظهور الكلام في استمرار الحكم على غيره من الظهورات لغلبة ساير الوجوه المخالفة للأصل بالنسبة إلى النسخ ، مثلا لو ورد : يستحب إكرام العلماء ، ثمّ قال بعد مدّة : اكرم العلماء ، فالثاني ظاهر في الوجوب ، كما أنّ الأوّل نصّ في الاستحباب فإن حملنا الأمر على الوجوب فهو ناسخ للاستحباب ، وإذا حملناه على الاستحباب يبقى ظهور : اكرم العلماء ، في الاستمرار وعدم النسخ (فيدور الأمر بين النسخ وارتكاب خلاف ظاهر آخر ، والمعروف ترجيح الكلّ على النسخ لغلبتها بالنسبة إليه) أي إلى النسخ لأنّ الأمر مستعمل في الاستحباب أيضا ، كقوله تعالى : (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً)(١) مع ما ذكرنا سابقا من أن النسخ في نفسه ايضا نادر غاية الندرة جدّا.
وقد يحتجّ لذلك بوجهين آخرين لا ينبغي الاعتماد على واحد منهما.
أشار إلى الوجه الأوّل بقوله (وقد يستدلّ على ذلك) أي على ترجيح الكلّ على النسخ بالأصل اللفظي (بقولهم عليهمالسلام : حلال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة) (٢).
وتقريب الاستدلال به أنّه من باب المثال ، وليس المراد استدامة خصوص الحلال والحرام المصطلحين إلى يوم القيمة ، بل مطلق الاحكام المجعولة في شريعة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم مستمرّ إلى يوم القيمة.
__________________
(١) النور : ٣٣.
(٢) الوسائل ج ـ ١٨ ص ١٢٤. (الرواية : ٤٧).