اليه) أي إلى ذلك الحكم (حكّامهم وقضاتهم) بدل البعض من لفظ : هم ، يعني يترك الخبر الذي على طبق مذاهب الحكام والقضاة من العامة ، ويؤخذ بالخبر الآخر ، وإن كان سائر علمائهم على طبقه ، لأن التقية من الحكّام والقضاة أشد (فيترك ، ويؤخذ بالآخر ، قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا ، قال : إذا كان ذلك) أي لم يوجد المرجح (فارجه) (١) أي اخّر تعيين الحق والباطل (حتى تلقى أمامك ، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات) ومعلوم : أن الاقتحام لا خير فيه أصلا.
والمراد : أن تمام الخير في الوقوف فيجب التأخير إلى لقاء الامام عليه الصلاة والسّلام ، والرواية مختصّة بحال حضور الأئمّة عليهم الصلاة والسلام.
(وهذه الرواية الشريفة وإن لم يخل عن الأشكال ، بل الاشكالات من حيث ظهور صدرها في التحكيم ، لأجل فصل الخصومة وقطع المنازعة فلا يناسبها التعدد) أي تعدد الحاكم والفاصل لأن جعل الحاكم إنّما هو لغرض فصل الخصومة ورفع المنازعة عن البين ، وفي صورة تعدّد الحاكم عند اختلافهما في الرأي ، يبقى النزاع بحاله ، وهو مناف للغرض ، هذا أوّلا.
(و) ثانيا (لا) يناسبها (غفلة الحكمين عن المعارض الواضح لمدرك حكمه) لأن مقام الحكومة آب عن الغفلة عن معارض مستند الحكم ، ولا بدّ للحاكم الفحص التام في مورد حكمه عن وجود الدليل فإذا كان هناك خبران
__________________
(١) وفي بحار الأنوار (ص ـ ٢٢٣ ج ـ ٢) ط الحديثة ، فارجه : بكسر الجيم والهاء ، من : أرجيت الأمر بالياء ، أو من أرجأت الأمر بالهمزة ، وكلاهما بمعنى أخرته ، فعلى الأول حذفت الياء في الأمر ، وعلى الثاني أبدلت الهمزة ياء ثم حذفت الياء ، والهاء ضمير راجع إلى الأخذ باحد الخبرين أو بسكون الهاء لتشبيه المنفصل بالمتّصل ، أو من ارجه الأمر أي أخّره عن وقته ، كما ذكره الفيروزآبادي ، لكنه تفرّد به ولم أجده في كلام غيره.