المتعارضين في مقام العمل من باب التخيير فالمقلد جاز له متابعته.
(هذا حكم المفتي ، وأما الحاكم والقاضي) (١) عطف تفسير (فالظاهر كما عن جماعة أنه) أي الحاكم (يتخير أحدهما) أي أحد الخبرين (فيقضي به) أي بأحدهما ، فاذا وردت روايتان متعارضتان في طريق الحكم مثلا ، بان ورد خبر يدل على القضاء بمجرد النكول للمدّعي أي لنفعه ؛ وورد خبر آخر يدلّ على عدم جواز القضاء بمجرّد النكول ؛ بل لا بد أن يحلف المدعي حتى يقضى له ، والمفروض تكافئهما ، فالحاكم يتخير بأخذ ما شاء منهما (لان القضاء والحكم عمل له) أي الحاكم (لا للغير ، فهو المخير ، ولما عن بعض من أن تحير المتخاصمين لا يرفع معه) أي التحير (الخصومة) لأن كلا من المتخاصمين يعمل بتشهي نفسه برجوع كل منهما الى الحاكم الذي يحكم بنظر نفسه ، فيدوم الخصومة ، والقضاء أنما شرع لرفع الخصومة.
فالتخيير للحاكم لا للمتخاصمين ، إذ : تخيير المتخاصمين يستلزم بقاء الخصومة ، لأن كل واحد منهما يختار من المتعارضين ما ينفعه.
وهذا بخلاف تخيير الحاكم ، فانه يأخذ باحدهما ، ويقضي بين المتخاصمين على طبقه ، ويجب على المتخاصمين قبول قضائه.
(ولو حكم) الحاكم (على طبق إحدى الامارتين) أعني احدى الروايتين (في واقعة ، فهل له) أي الحاكم (الحكم على طبق) الامارة (الاخرى في واقعة اخرى) على خلافه في موضوع واحد كاستحباب الحبوة ، ووجوبها اذا وردا في روايتين أم لا؟ بمعنى أن التخيير في المقام ، هل هو ابتدائي ، فلا يجوز العدول عما اختاره الى الخبر الآخر في الواقعة الاخرى ، أو استمراري فيجوز له العدول (المحكي عن العلامة رد وغيره ، الجواز ، بل حكى نسبته) أي الجواز أعني
__________________
(١) فرق بين المفتي والمجتهد والقاضي ، فإن وظيفة المفتي استنباط الاحكام الكلية من الأدلة ، والقاضي وان كان يعتبر اجتهاده لكن حكمه جزئي لا كلي بأن هذا المال لزيد دون عمرو مثلا وأمثال ذلك.