القطع واليقين ، وإلّا خرج المقام عن باب التزاحم ، لأن المناط وهو حجية خبر العادل موجود في كليهما ، فلا وجه لتقديم احدهما على الآخر.
(هذا : وقد عرفت فيما تقدم أنا لا نقول باصالة التخيير) من باب السببية (في تعارض الأخبار ، بل ولا غيرها من) تعارض (الأدلة) الظنية كتعارض الاستصحابين ـ ان قلنا بحجيته من باب الظن ـ كما حكى عن العضدي في تعريفه بأن الشيء الفلاني قد كان ، ولم يظنّ عدمه وكل ما هو كذلك فهو مظنون البقاء.
وعليه فيصير تعارض الاستصحابين كتعارض الامارتين كما مر.
والأصل في المتعارضين التساقط عندنا (بناء على أن الظاهر من أدلتها) أي الأخيار (وأدلة حكم تعارضها كونها) أي كون حجية الأخبار (من باب الطريقية ، ولازمه التوقف) بعد تساقطهما لما مر مرارا بأنه لا يمكن الوصول بواسطة الطريقين المتضادين إلى المطلوب.
ولذا لا بد من التوقف (والرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما) إن كان الأصل العملي موافقا لأحدهما ، فإذا ورد خبر : بحرمة أكل لحم الغراب الأسود (١) والآخر بحليتها ، يتساقط الدليلان ، ونتمسك بأصل البراءة ، فالأصل يكون مرجعا لا مرجحا أو الرجوع إلى الأصل المخالف لهما وهو الاحتياط (أو) الرجوع إلى (أحدهما المطابق للأصل) على القول به أي بناء على الترجيح ، سواء كان مطابقا لأحدهما أو مخالفا لهما؟ إن كان الأصل العملي مخالفا لهما.
ففي المثال المذكور نحكم بالحلية ، فيكون الأصل في هذه الصورة مرجحا ، لا مرجعا ، فالأصل الأولى بناء على طريقة الطريقية هو التوقف فلا ينفع المرجح ما لم يثبت اعتباره لعدم جواز رفع اليد عن الأصل بمجرد الاحتمال (إلا أن الدليل الشرعي دل على وجوب العمل بأحد المتعارضين في الجملة) من
__________________
(١) الوسائل : الجزء ١٦ ص ٣٢٩ ـ الرواية ٣.