الصورة ، إنما هو بالنسبة إلى تمامية المقتضى له في كل منهما فيها ، وأنه يجب العمل بمقتضاه بما أمكن ، وهو العمل بأحدهما لا تركهما جميعا ، وهكذا يقال في ساير الواجبات النفسية أيضا كانقذ الغريق.
(والسر في ذلك) أي في وجوب الأخذ بأحدهما ، هو (أنا لو حكمنا بسقوط كليهما مع امكان) إنقاذ(أحدهما على البدل لم يكن وجوب كل واحد منهما ثابتا بمجرد الامكان ، ولزم كون وجوب كل منهما مشروطا بعدم انضمامه مع وجود الآخر ، وهذا) أي عدم وجوب هذا عند الامكان (خلاف ما فرضنا ، من عدم تقييد كل منهما) أي من الواجبين (في مقام الامتثال بازيد من الامكان ، سواء كان وجوب كل منهما) أي من المتزاحمين (بامرين) أعني مندرجين في عنوانين مختلفين كل منهما مأمور به بأمر مستقل كانقاذ الغريق ، واطفاء الحريق (أو كان وجوبهما) أي وجوب الفردين (بامر واحد ، يشمل الواجبين؟) أعني مندرجين في عنوان واحد ، كانقاذ الغريقين أو اطفاء الحريقين يدخلان تحت نوع واحد من سنخين.
ومقتضى الأصل في تزاحم الواجبين في كلتا الصورتين ، هو : لزوم امتثال احدهما تخييرا إذا كانا متساويين ، بمعنى عدم كون احدهما أهم من الآخر كما هو المفروض في المقام بحيث يستحق العقاب على مخالفة كليهما معا ، والتخيير يشمل كلتا الصورتين (وليس التخيير في القسم الأول) أعني كون وجوب كل منهما بامرين (لاستعمال الأمر في التخيير) حتى يتوجه عليه محذور استعمال اللفظ الواحد في معنيين (كما يتوهم ، بل) في التعيين ، ولكن الحكم بالتخيير (من جهة ما عرفت) وهو : حكم العقل بالتخيير (١).
(والحاصل : أنه) أي الشأن (إذا أمر الشارع بشيء واحد) كالأمر بتصديق قول العادل ، أو كالأمر بانقاذ الغريق (استقل العقل بوجوب اطاعته) أي أمر
__________________
(١) من : كما إلى هنا نسخة بدل.