المحكي عن بعضهم) أي بعض الاصوليين (عدم الخلاف فيه ، وذكروا في وجهه) أي وجه تقديم الحاظر (ما لا يبلغ حدّ الوجوب ؛ ككونه متيقّنا في العمل) يعني تقديم الحاظر موافق للاحتياط ، لأنّ الفعل أن كان محظورا ، فقد تخلّص بتركه من اللوم والعقاب ، وان كان مباحا لم يكن عليه في تركه حرج ، ولا كذلك العمل بالاباحة ، لأنّه قد يقدم على فعله فيقع في مخالفة الواقع و (استنادا) في ذلك (الى قوله (ع) : دع ما يريبك الى ما لا يريبك (١)) ومرجعه الى أنّ الترك ممّا لا يريبك ، والفعل ممّا يريبك ، ويجب ترك ما يريب والاخذ بما لا يريب (وقوله (ع) : ما اجتمع الحلال والحرام إلّا غلب الحرام الحلال (٢)) فلو أجتمع في العين الواحدة حظر واباحة ، كالمتولّد بين ما يؤكل وما لا يؤكل ، قدّم التحريم ، وكذلك في موارد الشبهة المحصورة التحريميّة.
ثمّ قال المصنّف قده (وفيه) ما لا يخفى من الضعف في الاستدلال بكلا الخبرين.
بيان ذلك (أنّه لو تمّ هذا الترجيح لزم الحكم باصالة الحرمة عند دوران الأمر بينها) أي بين الحرمة (وبين الاباحة) عند عدم ورود الخبرين.
ولازم ذلك الحكم بحرمة شرب التتن ، ولا يلتزم بذلك احد سوى الاخباريين ، وايضا يلزم ان يحكم في الشبهة الموضوعية بالاجتناب من مائع مردّد بين كونه خمرا أو ماء ، مع أنّه مجرى البراءة باجماع الاصوليين والاخباريين.
ان قلت : ان الكلام في تقديم التحريم على التحليل فيما لا نصّ فيه ، وهنا مفروض في ورود الخبرين فيهما.
قلنا (لأنّ وجود الخبرين المذكورين لا مدخل له في هذا الترجيح) أي
__________________
(١) عوالي اللئالي : ج ـ ٣ ص ٣٣٠ الرواية : ٢١٤.
(٢) بحار الأنوار : ج ٢ (ص ـ ٢٧٢) الرواية : ٦ (ط ـ الحديثة).