الاصوليين) المتقدّمين (منهم العلّامة قده وغيره على تقديم الناقل) فلو ورد خبر على حرمة الغراب الاسود ، فهو مخالف لأصل البراءة ، والآخر على حليّته ، فهو موافق للأصل ، قالوا بتقديم الناقل (بل حكى هذا القول) أي تقديم الناقل (عن جمهور الاصوليين معلّلين ذلك بأنّ الغالب فيما يصدر من الشارع الحكم بما يحتاج الى البيان) فلا يجب على الشارع الحكم بما دلّ عليه الاصل المركوز في اذهان الناس ، والمنصوب في أعينهم لأنّ الحكم الجديد لا يستفاد ألّا من المخالف ، فحرمة الغراب الاسود مثلا لم يعلم ألّا من المخالف.
(و) لذا (لا يستغنى عنه) أي عن البيان (بحكم العقل) بخلاف المقرر ، لأنّ حكمه معلوم من الأوّل بالعقل لكونه موافقا للأصل ، وكان كالمستغنى عن ذكره بحكم الاصل.
وحمل كلام الشارع على حكم جديد أولى ، ولهذا يقال : التأسيس خير من التأكيد (مع أنّ الذي عثرنا) واطلعنا (عليه في الكتب الاستدلالية الفرعية الترجيح بالاعتضاد بالاصل) وهو عبارة عن تقديم المقرر (لكن لا يحضرني الآن مورد لما نحن فيه ، أعني المتعارضين الموافق أحدهما للأصل العقلي) أعني قبح العقاب بلا بيان ، حتى نقول بتقديم المقرر على الناقل (فلا بد من التتبع) اذ عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود (ومن ذلك) أي من تقديم الناقل او المقرر (كون أحد الخبرين متضمنا للاباحة) بمعنى الاعم أعني عدم الحرمة (والآخر مفيدا للحظر) أعني الحرمة ، بمعنى أنّ المطابق للأصل مرجوح صدورا لأنّ الشارع له أن يكتفي بالأصل الشرعي أو العقلي ، وأنّما المحتاج الى البيان الحظر فهو الرّاجح ، والتأسيس خير من التأكيد ، كما ذكره صاحب المعالم قده.
وذهب بعض إلى تقديم المبيح كما سيجيء إن شاء الله تعالى في كلامه قده ، وكيف كان فالمسألة ثلاثية الاقوال ، تقديم الحاظر ، وتقديم المبيح ، والتوقف ، وهو مختار المصنّف قده (فأنّ المشهور تقديم الحاظر على المبيح بل يظهر من