الحمل على التقية مقدّم لدلالة دليل الحجية على تصديقهما معا (فيكون هذا المرجّح) من حيث جهة الصدور (نظير الترجيح بحسب الدلالة مقدّما على الترجيح بحسب الصدور) فكما أنّه إذا ورد : أكرم العلماء ، و : لا تكرم النحاة يجمع بينهما ، ولا يطرح الخاص وإن كان راوي العام اصدق من راوي الخاص كذلك المقام يقدّم ما كان ارجح من حيث جهة الصدور. (١)
__________________
(١) ولتوضيح المقام لا بأس بالاشارة إلى ما وقع بين المتأخّرين من الخلاف في المسألة.
فنقول : ـ بعد ما علمنا أنّ المرجّحات المذكورة في الروايات على انحاء مختلفة بعضها راجعة إلى الصدور ، وبعضها إلى ترجيح جهة الصدور ، وبعضها إلى المضمون ـ اختلفوا في الترتيب بين المرجّحات على قولين.
الأوّل : عدم الترتيب بين المرجّحات ، وأنّ جميعها في عرض واحد يوجب تقديم ذي الترجيح وطرح الآخر سواء كان الرجحان في السند أو في المتن ، أو في الجهة ، مثل مخالفة العامة.
الثّاني : لزوم الترتيب بين المرجّحات ، وهذا أيضا على قولين.
الأوّل : تقديم مرجّحات الجهة على غيرها اختاره الوحيد البهبهاني قده في محكى فوائده ، والمحقّق الرشتي قده في بدائعه.
الثاني : تقديم مرجّحات غير الجهة على المرجّحات من حيث جهة الصدور واختار هذا القول الشيخ الأعظم قده في فرائده.
ولتوضيح المقال ورفع التكلف عن الطالب نشير إلى جملة ممّا أفيد في وجه الأقوال المذكورة.
فنقول : أمّا ما أفاده الشيخ قده فيظهر ممّا ذكرناه مع ما أشرنا إليه من التوضيح في الكتاب.
وأمّا ما أفاده المحقّق الرشتي قده وفاقا للوحيد البهبهاني قده ، فقد ذكر في بدائعه ما هذا لفظه : ولعمري أنّ تقديم الصفات على مخالفة العامّة من حيث القاعدة ، لا لأجل التعبّد بالأخبار إلى أن قال : بل الأمر في المقام دائر بين الأمرين ، أمّا عدم ثبوت ـ