والجهة ، والمضمون (الأصل) فمن البيّن أنّ موافقة الأصل للخبر لا يوجب قوّة الظن ، لا في السند ، ولا في المضمون ، ولا في الدّلالة.
أمّا بالنسبة إلى السند ، فلعدم السنخيّة بين الأصل العملي ، وبين سند الموافق.
وأمّا بالنسبة إلى الدّلالة والمضمون ، فلانّ ذلك فرع حصول الظن من الأصل العملي ، وهو غير حاصل ، لأنّ الأصل العملي موضوعه سترة الواقع ، وعدم الوصول إلى الواقع ، فلا يمكن أن يكون مرجّحا ، لأنّ الأصل العملي فرع عدم كشف الواقع ، فكيف يكشف عن الواقع صدورا ، أو جهة ، أو دلالة ، أو مضمونا ، كما قال قده (بناء على كون مضمونه) أي الأصل (حكم الله الظاهري) الثابت للشيء بعنوان كونه مجهول الحكم ، فإذا ورد خبر مثلا : بحليّة الغراب الأسود ، والآخر بحرمته ، وحيث أنّ المكلّف متحيّر ، فالأصل في مرتبة الظاهر ، يقول بلسان الحال : أيّها المتحيّر ليس لك العلم ، لا ظنّا ، ولا علما ، وبما أنّ الواقع مستور عليك يجب عليك الأخذ بالبراءة العقليّة ، ففي الحقيقة صار الأصل بعد تساقط الخبرين مرجعا لا مرجّحا (إذ لو بنى على إفادة) الأصول الثلاثة (الظن بحكم الله الواقعي) ومن الامارات الاجتهادية (كان من القسم الأوّل) بكون موافقتها أي الأصول من المرجّحات (ولا فرق في ذلك) أي في كون الأصل مرجعا لا مرجّحا (بين الأصول الثلاثة أعني أصالة البراءة والاحتياط والاستصحاب) مطلقا ، شرعيّة كانت ، أو عقليّة؟
إذ : على هذا التقدير يكون الأصل من الأدلّة الاجتهادية المثبتة للحكم بالنّسبة إلى نفس الموضوع من دون اعتبار ادخاله في عنوان مجهول الحكم.
(لكن يشكل الترجيح بها) أي بهذه الأصول الثلاثة (من حيث أنّ مورد الأصول ما إذا فقد الدّليل الاجتهادي المطابق) للخبر (أو المخالف له) لأنّ الأصل دليل حيث لا دليل ، والمفروض وجود الدليل الاجتهادي ، فكيف يكون الأصل حجّة حتّى يكون مرجّحا للخبر الموافق له؟ (فلا مورد لها) أي للأصول