(الّا بعد فرض تساقط المتعارضين ، لأجل التكافؤ).
ولكن لا تكون الأصول مرجعا أيضا في صورة التكافؤ (إذ المفروض أنّ الأخبار المستفيضة دلّت على التخيير) وعدم التساقط ، ولا يضرّ التردّد بين كونه هذا الخبر ، أو ذاك ، بعد العلم بوجوب الأخذ بأحدهما (مع فقد المرجّح ، فلا مورد للأصل في تعارض الخبرين رأسا) لا بنحو المرجّحية ولا بنحو المرجعية (فلا بدّ من التزام عدم الترجيح بها) أي بالأصول.
ان قلت : قد يرى من الفقهاء في الكتب الاستدلاليّة من الترجيح بالاستصحاب وأصل البراءة.
قلت : (وانّ الفقهاء إنّما رجّحوا بأصالة البراءة والاستصحاب في الكتب الاستدلاليّة من حيث بنائهم على) اعتبارهما من باب (حصول الظنّ النّوعي بمطابقة الأصل) بأن يقال : إذا تعارض الخبر ان فكلّ منهما يفيد الظن النّوعي بأنّ الواقع كذا ، وإذا كان أحدهما موافقا للأصل فيكون الأخذ به أرجح من حيث كشفه عن الواقع ، فيؤكّد الواقع في صورة موافقة الأصل.
وبعبارة أخرى : فحكمهم صحيح على مبناهم من افادة البراءة والاستصحاب الظن بالواقع ، ولكن حيث أثبتنا أنّ مبناهم غير صحيح وأنّ البراءة والاستصحاب لا يفيد ان الظن بالواقع ، فلا يكون الأصل مرجّحا بل مرجعا.
(وأمّا الاحتياط) أن كان أحد الخبرين موافقا له (فلم يعلم منهم) أي من الفقهاء (الاعتماد عليه إلّا في مقام الاستناد) أي في مقام المرجعيّة (لا في مقام الترجيح) أي في مقام الكشف عن الواقع ، لأنّ الاحتياط لا يحصل منه الظن النّوعي ، ولا الشخصي بكون الخبر الواقع على طبقه هو الموافق للحكم الواقعي ، فإذا ورد خبر بوجوب الصّلاة عند رؤية الهلال والآخر بعدم وجوبها ، فلا يجب الاحتياط ، ولا يكون مرجّحا لما وافقه من الخبر.