الدليلين (باعتبار مدلولهما) أي معنى الدليلين نظير النعت السببي والصفة بحال متعلق الموصوف ، بمعنى أنّ التعارض وصف للمدلولين لا للفظهما ، مثلا اذا قام دليل على وجوب صلاة الجمعة ، والآخر على حرمتها ، فلا تعارض بين لفظ : وج وب ، ولفظ : ح ر م ، بل التعارض وقع بين معنييهما لأنّ التعارض في العرف العام اسم لكل منازعة ومخاصمة بين اثنين ، دليلين كانا أو غيرهما.
(ولذا ذكروا أنّ التعارض) عبارة عن (تنافي مدلولي الدليلين) لا نفس الدليلين (على وجه التناقض) أن كان تقابلهما بالايجاب والسلب ، بان تنافيا ذاتا ، كما لو كان مفاد أحدهما حرمة شرب الخمر في زمان ومكان خاص ، وغير ذلك من الوحدات الثمانية ، وكان مفاد الآخر عدم الحرمة في تلك الوحدات ، فحينئذ لا بدّ من اتّحادهما في الوحدات الثمانية التي يعتبر في التناقض (١)(أو التضاد) وهو : على قسمين ، حقيقي ومشهوري.
أمّا الأوّل : الضدان لا ثالث لهما ، كالحركة والسكون عند المتكلّمين ، فأنّ الحركة والسكون ، أمران وجوديان عند المتكلّم ، والتضاد عبارة عن التنافي بين الامرين الوجوديين المتعاقبين على موضوع واحد ، وأمّا عند الحكماء فليسا أمرين وجوديين ، بل السكون عبارة عن عدم الحركة فيكون التقابل بينهما بالايجاب والسلب.
والثاني : ما لهما واسطة كالحمرة والخضرة ، وفي القسمين لا يجوز اجتماعهما كما في النقيضين ، وأمّا من حيث الافتراق ، ففي الأوّل أيضا لا يجوز
__________________
(١) قال النّاظم :
الصدق والكذب اذا تلازما |
|
ذاتا تناقص القضايا لزما |
ان كانت القضيّة موجهة |
|
يعتبر الخلاف فيها في الجهة |
كمّا وكيفا اعتباره التزم |
|
فيها لديهم اعتباره لزم |
فيما سوى المذكور اتحاد |
|
لاتفرصن اذ ما به اعتداد |