ووجه الاستبعاد : أن المناسب لترجيح أحد الخبرين المتعارضين بكون اعتبار كل منهما في نفسه من باب الطريقية والكشف ، إنما هو جعل المرجح لأحدهما مما يقوي ذا المزية في جهة اعتباره بأن يقوي جهة كشفه عن الواقع ، لا جعل الأمور التعبدية من مرجحاته ، فلا يناسب جعل المرجح من الأمور غير المفيدة لذلك ، بل المناسب إنما هو جعل المرجح لأحدهما ما يكون مقويا لجهة الكشف في مورده.
(ومنه) أي ومما ذكرنا من أن نفس المخالفة مطلوب للشارع وحسن وقلنا أن هذا لا ربط له بمقام الكشف عن الواقع (يظهر ضعف الوجه الثالث) بل معنى الخبر : أن موافقة العترة الطاهرة ومخالفة اعدائهم مطلوبة ، وهذا الكلام غير ناظر إلى رجحان الأخذ بالخبر المخالف للعامة فليس هذا في مقام ترجيح الخبر بل في مقام حسن اطاعتهم وقبح مخالفتهم ، فهذا الخبر كقوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(١) والعترة «ع» هم أولوا الأمر حتى في الموضوعات ، فليس بناظر إلى صورة تعارض الخبرين ، وكاشفية ذي المزية عن الواقع ، فالمراد وجوب كون افعال الشيعة مطابقا لأفعال الامام «ع» لا لافعال المخالفين ، وأين هذا من مسئلتنا؟ (مضافا إلى صريح رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : قال : ما أنتم والله على شيء مما هم فيه ، ولا هم على شيء) من الأحكام (مما أنتم فيه فخالفوهم) (٢) أي العامة (فانهم ليسوا من الحنفية) أعني الحنيفيّة (٣) (على شيء فقد فرع) الامام عليهالسلام (الأمر
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) ومن هنا كانت العبارة في الوسائل هكذا : فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء. الجزء : ١٨ ص : ٨٥ الرواية : ٣٢.
(٣) ولا يخفى : أن قريش لم يكن كلهم وثنيين (بت پرست) بل بعضهم كانوا موحدين ويسمون حنفاء آخذين باحكام ابراهيم الخليل على نبينا وآله وعليهالسلام ، وسبب ـ